مرت بضعة أيام فقط
و علمخالي من ابنته بالذي حدث بيني و بين كريستيان، عرفت هذا عندما وجدت هاتفي يرن ورقمه ظاهرا على شاشة المحمول، فهو لا يتصل بي إلا نادرا
أجبت على الهاتف، كان صوته عصبي، طلب مني أن أذهب لزيارته لأنه عليناالتحدث، تحججت بعدة حجج لم تجد نفعا، ذهبت إلى بيته لم أكن لا متوترة و لاخائفة
فتحت الباب ابنة خالي الصغرى، ما إن رآنيحتى قال: اتبعيني إلى المكتب
و في نفسي قلت: المكتب يعني كلام خاص جدا لا يجب أن يسمعه أحد، ربما صراخ و ربما تأنيب يا رب مايكون تعذيب بس، كنت أضحك بيني و بين نفسي
دخلتالمكتب كان جالسا، على أريكة قريبة من مكتبه لم ينظر إلي، كان وجهه يبدو و كأنمصيبة حلت، لدرجة أنني للحظة شككت أن الموضوع أكبر من عدم موافقتي على خطبةكريستيان
عادة عندما أسلم عليه أقبله علىوجنتيه، هذه المرة اختلف الأمر مد يده إلي مصافحا و كأنه يبعدني أو يعبر لي بهذهالطريقة أنه غير راض عني
جلست على كرسي فيالجهة المقابلة له، و ما زلت أحتفظ بهدوئي و مرتاحة مع نفسي، لم يتحدث مباشرة، وكأنه كان يفكر من أين سيبدأ الحديث و أنا لم أقل شيئا، بقيت أنتظر أن يبادر هوبالكلام، وقف و اتجه نحو المكتب و لامس بعض الأوراق بعصيبية ثم قال: ماذا تريدين؟قلت: أنا لا أريد شيئا خالي، أنت من طلبتني
ثار لجوابي هذا و قال: هل أنت غبية أم تتغابين؟ ما الذي فعلته أنت؟ لميعد يهمك أحد، تفعلين ما يحلو لك و كأنك لست من هذه العائلة و لا تخافين علىمصلحتها
للوهلة الأولى، انتابني الخوف: ياويلي، لعله علم بشأن حبيبي، فضلت أن لا أجيب، حتى تتوضح الصورة، و أكمل حديثه: لماذا لا تجيبين، طبعا، فأنت لا تملكين مبررا لما فعلته، و ككل مرة و عندما يكونغاضبا مني يبدأ بسرد قصة حياتي كلها و منذ أن زوجني بصديقه الغني و و و و و ... إلى أن يصلللمشكلة التي سببتها
كنت أقول لنفسي، هل هذهالمرة أيضا أنا مضطرة لسماع كل ذلك، من الأدب أن أتركه يحكي و يذكرني بأفضاله علي وعلى أمي و إخوتي إلى أن يصل للمشكلة و بعدها سيختلف الوضع
كانت نيتي من البداية أنني اكتفيت و لم أستطيع تحمل المزيد لا منه و لامن غيره، تغيرت كثيرا من الداخل، يجب أن يعلم اليوم و ليس غدا أنني احترمه لشخصه وليس لما فعله لأجلي، ما فعله لأجلنا لا يمكن أن يكافئه عليه إلا الله، و لكنه يتبجح بذلك طول الوقت، كالذي يعطي صدقة ثم يتبعها بمن فتذهبسدى
تكلم و تكلم إلى أن وصل إلى نقطة جد حساسةو تتعلق بالأسهم التي تركها زوجي رحمه الله لأولادنا في الشركة التي كانت قائمةبينه و بين خالي، ثم بدأ يتجدث و يقول: أنت لا تعرفين شيئا مما يجري و المشاكل التيتمر بها الشركة، لا يهمك سوى أن تأتي كل ستة أشهر لتأخذي الأرباح، فقلت: أولا تريدأن آتي لآخذ أرباح أولادي؟؟ أنا لم آخذ الأرباح الخاصة بي منذ توفي زوجي و أنت تقولالشركة تراجعت، الشركة تمر بأزمة، حتى أرباح أولادي أتركها؟ لا يا خالي، أنا آسفة،إلا حق طفلي، كان يصرخ و يقول: أين أموال ولديك؟ ماذا تفعلين بها؟
قلت: هذا شأني أنا وحدي فأنا الوصية عليهما،فقال: لطالما كنت أمينا على أموالكم، و لكنك لا تفكرين إلا فينفسك
كنت قد ضقت ذرعا بالحد الذي صار عليهالحديث بيننا، ففضلت أن أسكت و أفهم لم كل هذا، هل للموضوع علاقة بكريستيان أمبموضوع آخر
سألته: خالي، ما المشكلة؟ كان مازالثائرا: المشكلة أنك أفسدت على ابنتي حياتها و فرحتها، أليست كأخت لك، ألا تفكرين فيمصلحتها، إن لم يكن لأجلها، فلأجلي أنا، أنا الذيأرعى مصالح أولادك و مصالحك، و أنا الذي و أنا الذي و .....
لم أرد عليه و كأنني كنت أنتظر أن يفرغ شحنته و ينتهي كلهذا
ثار و صرخ و اتهم و غضب و تحدث و كرر مراتعديدة ما كان يقول و أنا أنظر إليه و لا أحرك ساكنا، كنت أنتظر أن يهدأ قليلا و منثم أكلمه و لكن الهدوء كان أشبه ما يكون بأمنية بعيدة المنال عن شخص كخالي، ربمافهمت سبب غضبه
الذي لم أفهمه، هل يريدني انأتزوج من كريستيان لأجل مصلحة،؟ و مصلحة من؟ ابنته و زوجها؟
ياااااه ألهذه الدرجة أنا رخيصة بنظر خالي؟؟شفقت على نفسي لحظتها
كنت أنظر إليه و أنا أسالنفسي: متى يشبع الإنسان من المال؟ خالي رجل غني جدا، حياته مرفهة و اسمه لامعبالسوق، حتى عندما قرر أن يوثق علاقته بشريكه، ماذا فعل؟؟ زوجه ابنة أخته، التي هيأنا، و الآن نفس السيناريو يتكرر مع اختلاف أن ابنته هي المستفيد هذهالمرة
هل أنا غبية أم ساذجة؟؟ لستأدري
كان ما يزال يتحدث بصوت مرتفع، و كأننيسأخاف و أرضخ لرغبته، انتظرت كثيرا أن ينهي كلامه و يهدأ لكنه لم يتعب ، أما أنا،فلم أعد أحتمل الوضع أكثر، ارتأيت أن أتركه و أذهب
نعم، فعلتها، نهضت و فتحت باب المكتب و خرجت، عندها فقط توقف عنالكلام، اقتربت من باب البيت و استدرت فقلت له: طلبتني لنتحدث سويا و لكنك استأثرتبالحديث و لم تكف عن الصراخ، عندما تهدأ اتصل بي لنتحدث، كان ينظر إلي بخرجت و عدتإلى بيتي و أنا لا أعرف ما الذي سأفعله ،
عندما تركت خالي بتلك الحالة، تصورت ما الذي سيحدث خلف ظهري، بالتأكيد زوجة خالي سوف تستغل الخلاف الذي حصل بيننا لتثيره ضدي، ستقول و تعيد ، لن تدع النار تخمد، و مع ذلك لم يكن يهمني
مرت يومان على مقابلتي لخالي، كنت أعلم أنه سيفكر و سيحسبها جيدا،
منذ وفاة زوجي لم أتدخل في شؤون الشركة، و تركت له حرية التصرف في كل شيء، و لم أطالب بحقي في الإدارة و لا بأرباحي الدورية،انشغلت بالدراسة و العمل و مسؤولية أولادي التي أصبحت مضاعفة، كنت كلما سألته عن أحوال الشركة، تذمر و اشتكى من سوء أحوالها و عدم تمكنه من عقد صفقات كالماضي، و الضرائب و الموظفين و و و و ، و لكني لم أتنازل أبد عن حق أولادي في نصيبهم من الأرباح،
بيني و بين نفسي، كنت أعلم أن الأمور بالشركة تسير بشكل جيد، هذه أمور لمستها من أحوال خالي المعيشية، غير السيارة و اشترى لإبته الصغرى سيارة، كنت أسمع أنه اشترى أرضا هناك و أرضا هنا و إلى ما ذلك...، و كلما تألمت لأنه يحرمني من أرباحي كنت أصبر نفسي و أقول: لا باس ربما بذلك ينسى قليلا أفضاله علينا، و يكف عن تذكيري بها كلما حدث بيننا خلاف و لكن ذلك كله لم يثنه عن فعل ذلك،
ألم يفكر يوما أنني أصبحت كبيرة كفاية و أنني أنا أيضا أفكر و لي قراراتي و خياراتي،
فكرت كثيرا، و تمنيت من كل قلبي أن ينسى خالي موضوع كريستيان و أن لا يثيره ثانية، و سأنسى كل الذي حصل، فأنا لا أريد أن أخسره، و هذا قد يجر علينا خلافات أخرى نحن في غنى عنها
و لكن، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
بالطبع، فزوجته نفثت سمها و ابنته اتصلت و ملأت رأسه بالأكاذيب، فوجدته يطرق بابي من جديد ليتحدث
من حسن حظي أن أولادي في ذاك اليوم كانا عند أحد أصدقائهما بمناسبة عيد ميلاده
دخل، و هذه المرة أنا التي لم ترغب في تقبيله و مددت يدي لأصافحة و لكنه جذبني عنده و سلم علي كالعادة، كان يتكلم معي و يسألني عن الأولاد و هو مقطب الجبين، ثم جلس على الأريكة في البهو
طلبت منه أن يدخل ليجلس بالصالون و لكنه رفض و قال: أفضل هنا، سألته: ماذا تشرب؟ فقال و هو يبتسم: و هل لديك شيء جاهز غير القهوة؟ فأنا أشم رائحتها قبل أن أدخل
سكبت له القهوة و جلست في الجهة المقابلة، لم يدخل في الحديث مباشرة بل سألني: أنت لوحدك، أين الأولاد، أخبرته، ثم قال: و ماذا تفعلين وحدك بالبيت؟ قلت: كل شيء و لا شيء بالتحديد، قال: لماذا لا تأتين لبيتي؟هذا أفضل من المكوث وحدك، لم أكن أعلم ما الذي يرمي إليه بكلامه هذا فكنت أرد عليه بأي شيء، في قرارة نفسي كنت أتمنى أن يخوض في الموضوع الذي أتى من أجله مباشرة، و في الوقت نفسه تمنيت أن لا نخوضه ثانيةو أخيرا
قال: الذي أريد أن أفهمه، هل تنوين فضاء السنين الباقية من حياتك وحيدة هكذا؟ قلت: لست أدري ما يحمله الغيب لي، و لكن لحد الآن أفضل هذا الوضع على غيره، قال: لقد آلمني كثيرا ما فكرت به بشأني ذاك اليوم؟ قلت: لم أفهم، قال: كنت تتحدثين عن أرباح أولادك بالشركة و عن أرباحك التي لم تأخذيها و كأنك تتهمينني بالسرقة، قلت، لا يا خالي، ما هذا الذي تقوله؟ أنا أثق بك و بذمتك و لا يمكن أن أتهمك بشيء كهذا، أنت ربما و أنت تصرخ لم تفهم ما قلته جيدا، قال: نعم، أنا لم أسمع شيئا، إنها زوجتي التي أخبرتني بما قلت، قلت: و هل زوجتك كانت معنا حين كنا نتحدث، حسب ما أذكر كنت أنا و أنت وحدنا بالمكتب، فلم يجب، و قال: أنا أعلم ما تفكرين به و بإمكاني أن أطلعك على حسابات الشركة لتعلمي أننا لا نحقق أرباحا تذكر، أسلمك أرباح ولديك بشق الأنفس
أحسست أنني بدأت أتوتر لأنني لا أحب الخوض في أمور المال، فالعلاقات الإنسانية عندي أهم من كل هذا، فقلت: خالي هل تريد حقا أن نخوض هذا الموضوع، أجاب: و لم لا، هذا من حقك فأنت و ولديك لديكما نصف الأسهم بالشركة، قلت: إذن يا خالي، مرت أربع سنوات لم آخذ شيئا من أرباحي، أظن أن أمور الشركة الآن تسير بشكل جيد و ابتداء من هذه السنة أريد أرباحي بجانب أرباح أولادي، تفاجأ لقولي هذا و قال: و أنت كيف تعلمين أن أمور الشركة بخير ؟ قلت: ألم تقل أن من حقي أن أتحدث، إنني أمارس فقط هذا الحق، و إني لم أتنازل عن أرباحي إلا لتكف عن عد أفضالك علي و لكنك لم تتوقف عن ذلك، لذلك ابتداء من هذه السنة أنا لن أتنازل عن أرباحي و أريدها نهاية كل ستة أشهر على الطاولة بجانب حق أولادي
إن ما سمعه مني خالي الآن لا شيء بالنسبة لما أنوي قوله له و إخباره به،
و مع ذلك ما قلته له أنساه الموضوع الذي جاء لأجله، كان صامتا لا يتكلم، و كأنه أصيب مني بالذهول، و بعد برهة قال: أنت فعلا لا تصدقين أننا بأزمة و بأن الشركة لا تحقق الأرباح و أننا بالكاد نبقي الشركة تعمل، قلت: أتعلم خالي، لا داعي لأن أكذب عليك بعد، أنا لا أصدق شيئا مما تقوله، و لا تحاول أن تثبت لي ذلك بإطلاعي على حسابات الشركة فأنا أعلم أن أصحاب الشركات بارعون في التلاعب بالحسابات و منذ وقت طويل علمت السبب الذي جعلك تعرض على زوجي المرحوم الزواج مني، عندما علم بتلاعبك بحسابات الشركة ، فكرت في مصاهرته، لأنه بذلك لن يستطيع إيذاء صهره،
صدم خالي لسماعه ذلك مني و قال: هل هو الذي أخبرك بذلك، قلت: تصور يا خالي، كنت أشعر بالمهانة كلما سمعت منه هذا، لكنني كنت أعلم أنه لا يقصد بذلك إهانتي، بل إطلاعي على حقيقتك، و كأنه كان يعلم أنه سوف يموت و يتركنا بين يديك، عند ذكر سيرة زوجي رحمه الله كنت قد بدأت بالبكاء و لم أتمالك نفسي، كنت ما أزال أبكي و
قلت: لو كانت الشركة فعلا في أزمة لأفلست منذ زمن بعيد و لما استمرت تعمل طيلة الأربع سنوات، ثم،سبحان الله يا خالي،الشركة لم تظهر عليها الأزمة إلا بعد وفاة زوجي
كان يبدو عليه الإمتعاض من حديثي، و لكنه لم يتكلم، و تركني أتحدث و أقول كل ما جاء على بالي حينها، نعم، فلا ضير أن يعلم حقيقة ما أشعر به أنا أيضا، ليعلم أنني طالما حسبت ألف حساب لمشاعره هو الذي الذي لم يفكر و لا حتى بينه و بين نفسه أن ما يفعله حرام و أن الله لن يسامحه عليه، أنهيت حديثي، كان ينظر إلي بدهشة بالغة و كأنه لا يصدق أنني أنا، و كأنه يحاول أن يقنع نفسه بأنني ليالي الطيعة التي تتوجه أينما أمر، و قال: ما الذي أدى بنا إلى كل هذا؟ قلت: أنت خالي، أنت الذي لم تكتف، و لكن لتعلم أنني منذ اليوم لن أدع شخصا يقرر نيابة عني، فأمري و أمر أولادي هو شأني أنا وحدي، و بهذه الجملة الأخيرة كنت قد وضعت النقط على الحروف فيما يخص موضوع كريستيان، و أنهيت الموضوع.
أشياء تحدث لنا قد تبدو سيئة و لكنها في الواقع تحمل كل الخير لنا، فأنا كنت جد خائفة من المشكلة التي أثيرت مع خالي بسبب رفضي لهذا الزواج و لكنها حملت في طياتها خيرا، فهو الآن يعلم أنني لست عمياء و لا جاهلة بما يجري، و إن كنت قد تغاضيت عن ذلك من قبل، فلأن الوقت لم يكن مناسبا للخوض في الأمر، الآن كل شيء تغير، و لم أعد في نظر خالي اللطيفة، المطيعة، اللينة، و التي كان يطوعها كالعجين بين يديه، بل امرأة صاحبة قرار و شخصية قوية
حاول أن يغير مجرى الحديث، فسألني مرة أخرى عن الولدين، قلت: الآن سأذهب لإحضارهما، فقال: هما على وشك إنهاء العام الدراسي و عطلتهما ستبدأ و أنت ستعملين، لماذا لا تجلبيهما للمكوث معنا و عندما تنهين دوامك تعالي لتأخذيهما أو اتركيهما معنا بعض الوقت إنه كمنزلهما،
قلت: خالي، أنا لن أحضر الولدين للمكوث في بيتك، زوجتك لا تحبني و هي لن تحبهما، و لا تفكر بهذا الأمر فهي مشكلتي و أنا سأجد لها حلا، فكر أنت فقط كيف ستعطيني أرباحي و الولدين فبل نهاية هذا الشهر، لأنني ربما سأسافر خلال عطلة الصيف، و أريد أن أنتهي من هذا الأمر قبل مغادرتي، قال: صبرت أربع سنوات، و لا تستطيعين الصبر بضعة أشهر؟ هل أنت بحاجة للمال، أعطيك إن أردت، قلت: نعم، فالصبر ينفذ منا أحيانا، و أنا لا أريد مالك خالي، أريد فقط ما هو من حقي، قال: إن شاء الله و أتبعها بتنهيدة عميقة و كأنه سيخرج المال من جيبه الخاص
كان كمن وضعته السفينة في بلد غريب لا يعرف فيه أحدا، و كأنه تائه، أين جبروته و صراخه و هيبته، أمعقول؟ حديثي أنا حول خالي من متسلط و جبار إلى رجل عادي
ما أضعفنا نحن البشر عندما يضعنا أحد أمام أخطائنا، و يواجهنا بها
انتهى العام الدراسي الجامعي، و وجدتني قد وضبت حقيبة سفري قبل ثلاثة أيام من موعد رحلتي، فهذه أنا، لا أحب فعل الأشياء حتى آخر لحظة
ذهبت إلى خالي من أجل ما اتفقنا عليه، و لكن ما خفت منه قد حدث فعلا، استلمت أرباح أولادي دون أرباحي و الحجة هذه المرة لا تختلف كثيرا عن سابقتها، على الشركة ديون كثيرة، حتى أنا لم أستلم أرباحي كاملة و أشياء كهذه، و أعدك المرة المقبلة سأسلمك إياها كاملة
بصراحة، لم أعد أطيق خالي و حججه الواهية فانفجرت غاضبة، و طالبت بحقي و عدنا إلى المواضيع القديمة نفسها، و أنني لولاه لما كانت لي أرباح أطالب بها الآن، و لكني هذه المرة أصريت و ثرت و لن أذهب حتى تعطيني حقي و كانت المفاجأة أن قال لي: أنا لن أعطيك شيئا، ماذا ستفعلين؟؟ عبارته هذه شلت أفكاري فتوقفت عن التفكير و كأنني تلقيت صفعة من أعز ناسي
خرجت من بيته و أنا أبكي، لماذا يفعل ذلك؟؟ ماذا سأفعل؟؟ هو يعلم أنني لن أستطيع مقاضاته، كنت أسوق سيارتي و أنا أتوعد و أتوعد دون أن أدري بم أتوعد أو أهدد، كنت بحاجة إلى أن أهدأ قليلا، فبدأت أستغفر و أستغفر الله علني أهدأ و ينير الله دربي و يدلني على الصواب، بعد لحظات، هدأت نفسي قليلا
توجهت إلى مقهى لأرتشف فنجانا من القهوة، و هي نفس المقهى التي جلست فيها مع حبيبي بلقائنا الأخير، توجهت إلى نفس الطاولة، كانت شاغرة رغم أن المقهى كانت مكتظة بالزبائن، جلست و طلبت القهوة و كعادتي كنت أدير ظهري و ليس أمامي إلا الجدار، كانت دموعي لم تجف بعد، و كنت أردد حسبي الله و نعم الوكيل دون توقف، و كنت أحدث نفسي قائلة: أنا لن أقاضيه و لكني أيضا لن أسامحه ما حييت، حسبي الله و نعم الوكيل على كل ظالم
كنت أعلم بم يفكر و كيف يفكر، أنا لست بحاجة لذلك المال فراتبي و حق أولادي يكفينا، و لكنني أقسم أنني لم ألمس أبدا مال أولادي، أودعه بحساب باسمهما كل ستة أشهر، و أنا لن أخبره بذلك لأنه سيجد يوما ما سببا أو ذريعة لأسلمه إياه و هذا ما لن يحصل و لو مت
كنت جالسة أفكر و انتابتني الهواجس و زاد من تعبي الجو الحار ذاك اليوم، و لكن الحمد لله أن المقهى مكيفة، ثم بدأت أردد من جديد حسبي الله و نعم الوكيل، حسبي الله و نعم الوكيل،
فأحسست بيد على كتفي و صوت مألوف: ما بك لماذا ترددين ذلك، خير إنشاء الله
استدرت فزعة، كان حبيبي، و كأنني كنتعلى موعد معه، و لكني أقسم أنه لم يخطر ببالي أنه سيأتي هو أيضا إلىهناك
جلس في الجهة المقابلة، أما أنا فلم أحركساكنا وحتى أني لم ألاحظ يده الممدودة نحوي ليصافحني، فقال: ما بك؟؟ قلت: لا شيء،مجرد مشاكل بسيطة ستحل إن شاء الله، قال: لا، هي ليست بسيطة، انظري إلى نفسك و إلىنظرتك، و كأنك ترغبين بقتل أحدهم، يا رب لست أنا، كان يمزح فابتسمت و قلت له: لا،لست أنت من أرغب بقتله الآن اطمئن.
طلب القهوة،فقلت له: قهوة ثانية، لماذا؟ أنت لا تشربها فلماذا تكلف على نفسك شيئا لا تحبه،قال: و الله صرت أحبها، أي شيء يذكرني بك أنا أحبه، لم يكن لا مزاجي و لا حالتييسمحان بتقبل مثل هذا الكلام، و لكني سكتت و حاولت تغيير الموضوع، فسألته، هه، لمتخبرني، كيف حالك و ما جديدك؟ قال: جديدي أنت تعلمينه فقد أرسلت لك رسالةإلكترونية، ألم تفتحيها، قلت: ليس بعد، فالوقت لم يسعفني، كرهت أن يعلم أنني قدقرأت كلماته الجميلة، فقال: رأيت الرسالة و لم ينتبك الفضول لتطلعي على محتواها،غريبة، قلت: لا، لم أرها، فلو رأيتها لانتابني الفضول،
حديثي معه أنساني بعضا من الهم الذي كنت أحمله، أو ربما تناسيته
كان يخبرني بما تحمله رسالته من جديد عنحياته، ثم قال: و لكن هناك شيء آخر فعلته بعد كتابتي الرسالة: قلت: ماذا، هل تزوجت؟قال: لا ليس بعد، اشتريت سيارة، قلت: مبروك
كنتسعيدة لأجله، فعمله الجديد حسن كثير أحواله، و هو أيضا يبدو و كأنه تغير قليلا، لميعد يجول بعينيه في كل مكان، كان يجلس معي و هو معي و ليس كالمرة السابقة كان معي ولكنعينيه كانتا في كل مكان
تحدث عن السيارة والقرض الذي أخذه على مرتبه لكي يمكن من تسديد أقساطها ،
نظرت إلى ساعتي، فبادرني قائلا و فجأة دون مقدمات: أحبك، نظرت إليهو ابتسمت، كنت أظنها مزحة، قلت: جيد، قال: أقسم بربي أنا أحبك و إنك لا تغيبين عنبالي و لا لحظة، أنام لأحلم بك و أستيقظ فأجدني أفكر بك، كنت أنظر إليه بغرابة ويدي تحت ذقني، أحقا، هو من يتحدث عن الحب، كنت مبتسمة و لا أصدقه، فقلت: ومتى تعلمتكل هذا؟ توجه بنظره إلى أسفل و قال: كنت أعلم أنك لن تصدقيني و لكني لم أتصور أنكستهزئين بي و بمشاعري
حاولت استبيان صدقه منعدمه، و قلت: لو لم أكن أعرفك جيدا لصدقتك،
حتىالكلمات الجميلة التي قرأتها برسالته شككت أنها قد تكون منقولةمن مكانما
قال: يجب أن تصدقيني، أشتاق إليك أكثر من أيشيء في هذه الحياة و لا أرجو إلا أن أراك و أسمع صوتك و أحس بقربك مني، كان يتحدث وهو يمرر سبابته على ظهر يدي فانتابتني قشعريرة
قفزت من مكاني متوجهة نحو النادل لأدفع ثمن قهوتي، كنت أقف معالنادل في وسط صالة المقهى، ثم فجأة سمعته ينادي بإسمي بصوت مرتفع حتى استدار كل منبالمقهى ينظر إليه، أدرت رأسي نحوه، صرخ قائلا: تزوجيني، أنا أحبك أقسم لك،لنتزوج
شعرت بدوار يلف رأسي، و بالحرارةتنتابني من رأسي حتى أخمص قدمي و كأنني سيغشى علي و الكل ينظر نحوي، كنت سأسقطمغشيا علي، أمسكت بكرسي كان بجانبي، كنت لا أزال أشعر بدوخة، و شعرت كأن النادلأمسكني، كنت أعرف هذا النادل منذ حياة زوجي، رجل كبير بالسن و طيب، نظرت إليه فقلتله: أنا بخير، شكرا، فرد علي النادل: ربما هو لا يكذب، إنه يأتي أحيانا فيجلس فيذاك المكان، خرجت من المقهى مسرعة، ودون أن ألتفت ورائي...
صعدت سيارتي و أنا لا أعي ما الذي حدث بالضبط، كانت أفكاريمشوشة، و يوم حافل، شجار مع خالي و لقاء لم أضعه في الحسبان مع حبيبي، و كل هذا قبليومين فقط على سفري، كنت أجلس بسيارتي و أنا أحاول استيعاب ما حدث، حتى أنني شككتهل حدث فعلا أم أنني من شدة إرهاقي أهذي فقط، وضعت رأسي بين يدي و أنا أتكىء علىالمقود و أتذكر، هل طلب حبيبي مني الزواج لتوه؟؟ هل فعل ذلك أمام الجميع؟؟ لماذا؟؟ما هذا الهراء؟؟ ماذا سأفعل الآن؟؟ أين سأذهب؟؟ للبيت، لا، يجب أن أهدأ، إن ذهبتإلى البيت الآن و جلست وحدي ربما أجن، الصديقات، ليست لي و لا واحدة، العائلة، لا،و لا حتى العائلة، ماذا سأفعل يا ربي
سأذهب إلىالشاطىء، و لكن الشاطىء سيكون مكتظا الجو حار و أغلب الناس في عطلة، تهت و تاهت منينفسي فلم أعرف إلى أين سأتوجه لأصفي ذهني، سقت السيارة دون تحديد وجهتي، كنت أجوبالشوارع دون هدف، حتى أني لم أحدد في أي شيء كنت أفكر، مررت بجانب حديقة عمومية،أكبر حديقة بالعاصمة، ركنت سيارتي في الموقف، و نزلت، كانت خالية إلا من بعض الشبابو البنات الذين يرجون خلوة و يتوارون عن عيون العامة، كنت أمشي تحت الأشجار الظليلةالتي لطفت جو الصيف الحار، أحسست بالتعب و قد أثقل قدمي فلم أعد قادرة على المشيبعد فجلست تحت شجرة كبيرة و اتكأت عليها، كل الهموم تصاعدت إلى رأسي فملأت عينايبالدموع، كنت وحدي فأطلقت لها العنان لتنفجر ربما أرتاح
أجهشت بالبكاء، بل كنت أشهق، انتابتني مشاعر القهر و التعب و التيه فلمأجد غير الدموع علها تنفس عني قليلا مما أحسه
كنت ما أزال أبكي فرن هاتفي المحمول، نظرت إلى الرقم فلم أجب، فربمايكون حبيبي، لا أرغب في التحدث معه الآن، و كأن هذا ركز تفيكير أخيرا في شيء معينفبدأت أستعيد ما حدث، و من بين كل شيء تذكرت المنظر و أنا أقف مع النادل و أسمعحبيبي يطلب مني الزواج و الكل ينظر، فانتابتني نفس المشاعر و نفس الحرارة، و كأننيخجلت من نفسي، رن الهاتف مرة أخرى، كنت قد هدأت قليلا، فقلت: ألو، من؟ قال: ما بكلا تردين؟؟ كان حبيبي و كان يتكلم بصوت كله حنان قلت: لم أكن أعلم أن الرقم يخصك، وليست لي رغبة بالتحدث إلى أحد، قال: ما بك حبيبتي؟ هل ما فعلته يستدعي كل هذاالبكاء؟؟
لم أكن أبكي و أنا أتحدث إليه، كنتقد هدأت، نظرت يمنة و يسرة فلم أر أحدا و قلت: و ما أدراك أنني أبكي؟ فقال: ألمأخبرك أنك حبيبتي؟
كنت أضع الهاتف على أذني ولكني كنت أسمع صوته بالهاتف و خارجه أيضا، أبعدت الهاتف و كنت ما أزال أسمع صوته وهو يقول: لماذا تهربين مني؟ نهضت من مكاني و بدأت أبحث عنه، كنت أعلم أنهقريب
كانت الشجرة التي أتكىء عليها كبيرة،استدرت خلفها، كان هو أيضا يتكىء عليها من الجهة الخلفية، نظرت إليه، فابتسم، وقال: كوكو
قلت: كيف علمت بمكاني و منذ متى وأنت هنا؟؟ قال: لحقت بك بالسيارة، دوختني و أنت تجولين الشوارع و أناخلفك،
آه، وتذكرت حينها أنه أخبرني بأمرالسيارة، قال: اجلسي لنتحدث، و أخبريني ماذا يحدث معك؟ قلت: لا شيء يحدث معي،سأذهب، نهض مسرعا من مكانه، و قال: لا لن تذهبي إلى أي مكان قبل أن نتحدث، أجلسني وجلس إلى جانبي و هو يقول: لماذا تهربين؟ لم أكن أجد شيئا أقوله له، فلمأتكلم
فسألني: هل تأخرت؟ قلت: كيف؟ علام تأخرت؟قال: هل تأخرت كثيرا في طلبي الزواج منك، هل مشروع زواجك ما يزال قائما؟ لم أكنأدري ماذا أخبره و كيف سأخبره ففضلت الصمت، كان يتحدث و يسألني و أنا أنظر إلىالأرض و أعبث بالحشائش، و فجأة صرخ: أخبريني ليالي، لا تبقي صامتة، نظرت إليه ملياو قلت: لا شيء أخبرك به، ما تطلبه شبه مستحيل، ثم ما الذي جعلك تطلب مني هذا وفجأة، أنت حتى لم تكن تفكر بالموضوع، قال: فكرت كثيرا بالموضوع فلم أجرؤ على طلبذلك لأنك أخبرتني أنك ستخطبين و لكني بعد أن تاكدت من حبي لك و بأنني أريدك بجانبيدائما،
فكرت بك كل ليلة منذ تركتني، كنت أتذكركل كلامك و أقول لنفسي، كيف تتركها لرجل آخر و هي حبيبتك، لطالما أقنعت نفسي بأن لاامرأة تستحق الحب، كلهن متشابهات، يلهين و يمضين وقتا ممتعا وكفى
و لكن أنت، كنت غيرهن، في كل شيء، حتى فيمشاعرك أنت غير كل النساء
فقررت أنني يجب أنأفعل شيئا عاجلا أم آجلا و هو أن أطلب منك الزواج، إن كنت فعلا تحبينني اتركيه وتزوجي بي، فأنا أحبك ليالي، أقسم أنني أحبك
تمنيت حينها أن تختفي كل العوائق، و لكنها هنا كلها أمام ناظري،أولادي، عائلتي، الناس، و هو أيضا، كيف أصدقه من جديد؟ ثم إن الكل سيعيب علي، أرملةتتزوج من شاب لم يسبق له الزواج و يصغرها بأربع سنوات
كنت صامتة لا أقول شيئا، اتجه فجلس القرفصاء أمامي و رفع ذقني بيده،فلم أنظر إليه، فقال: انظري ، ارفعي عينيك و قولي: أنك أيضا تحبينني و أنكموافقة
ليت الأمر كان بهذه السهولة، ليتنيأستطيع قولها بهذه البساطة، ليتني كنت له و كان هو أيضا لي، فرت الدموع من عيني دونأن أشعر و دون أن أستطيع كبحها...
و كأن الكلام قد توقف في حلقي، أو كأننيفقدت القدرة على النطق، لم أكن أعلم ما الذي يصيبني، نظرت إليه و هو يجلس قبالتي،كانت عيناه دامعتان ترجوانني، لا أصدق ما تراه عيناي، عينا حبيبي دامعتان، حسبت أنلا دموع في مقلتيه،حسبت أن لا عبرات يمكن أن تلامسوجنتيه
قال راجيا: تكلمي لم أنت صامتة؟؟
حملت حقيبة يدي و حاولت الوقوف، كان ينظر إلي، ينتظر كلمة تخرج من فمي،و لكني لم أقو حتى على قول لا، خرست، كنت أحس جفافا في حلقي و مغصا في معدتي وكأنني سأتقيأ، نهضت، حملت الحقيبة على كتفي و حاولت السير لكنه لم يسمح لي، جذبنيبقوة من يدي و قال: لن تذهبي ليالي حتى تخبريني، لماذا ترفضينني؟ تحدثي، قولي شيئا،هل خرست؟
حاولت النطقفلم أستطع، فهززت رأسي بالإيجاب، نعم لقد خرست، فقدت قدرتي علىالنطق
كان كالمجنون،لا يصدقني، لعله يعتقد أنني أحاول فقط أن أتهرب من الحديث أو الرد على طلبه، ولكنني فعلا لم أكن أشعر أنني بخير، و لكن كيف سأخبره ذلك،
تركته منصرفة و لكنهصرخ: ، انتظري،
استدرت، فبدأ يتكلم و كأنه يهلوس، كلمات مفهومة و أخرى لا معنى لها،كان يبكي بحرقة من بين الكلمات التي أذكر، أنا أحبك، سامحيني إن أنا آذيتك، لمأقصد، كنت شخصا آخر، صدقيني، صدقيني، لم أستطع تمالك نفسي، و كانت دموعي كسيل علىخدودي، أشفقت عليه و أشفقت على حالي، كان لا يزال يتكلم و يضرب بيده بشدة على تلكالشجرة، كنت أقف بعيدة عنه بخطوات، أراقبه و أشعربالخوف،
ماذا أفعل؟ هلأتركه في هذه الحال و أذهب؟
تعب من شدة ما ضرب بيده فاستدار و أرخى جسده و جثا على ركبتيه و هو يضعكفيه الاثنتين على وجهه
اقتربت خطوة أو خطوتين منه، كان قد أزاح يديه من على وجهه،
يا إلهي، إن الدميملأ كل وجهه، من أين جاء كل هذا الدم؟ ارتعبت و اقتربت منه أكثر، كانت يده تنزف، وعندما وضعها على وجهه لطخته بالدم، لم أكن أعلم ما الذي يمكنني فعله في تلكالأثناء، فتحت حقيبتي و أخرجت منديلا لأربط يده،
وضعت المنديل على يده فتألم فرفعته بسرعة، كانت بعضشظايا الخشب عالقة في بشرة يده، كنت أنزعها واحدة تلو الأخرى و ركبتاي فاشلتان، كانيئن مع كل شظية أنزعها، لأتأكد من أنني نزعتها بكاملها، مررت يدي على يده، أحسستبدمه الدافئ يلطخ يدي، ثم لففت المنديل على يده المصابة وربطته
نظرت إليه، كانتدموعه لم تتوقف بعد، و لطخات الدم على وجهه
أدخلت يدي في حقيبتي مرة أخرى و أخرجت المناديلالمبللة الخاصة بإزالة الماكياج، فبدأت أمسح وجهه من الدم، كانت يداي ترتجفان وقلبي يخفق بشدة، و معدتي تؤلمني، حاولت الكلام و لكنني بدوت كالخرساء، أمسكت قصاصةورق كانت بحقيبتي و كتبت عليها: أنا لست بخير، لا أستطيع الكلام، قرأها و نظر إليمندهشا و قال: غير معقول لقد كنت تتحدثين قبل قليل، أشرت إليه بيدي و أنا أقصد: لاأعرف، و بأنني سأذهب الآن
انصرفت و تركته جاثيا على ركبتيه و ينظر إلي، وجدت نفسي أمام سيارتي،فتحت الباب بصعوبة من فرط تعبي و وهني، و رميت نفسي داخلها
لم أكن متأكدة منأنني أستطيع السباقة، حاولت مرة أخرى إخراج صوتي، و لكن لا صوت لي، كانت أوداجيتؤلمني بشدة، أمسكت قارورة ماء كانت تحت المقعد، ربما إذا بللت حلقي و شربت الماءأتحسن، شربت جرعة، كان الماء دافئ من شدة حرارة الجو، فقذفته من فمي، شعرتبالغثيان، حينها فقط تذكرت أنني لم أدخل لمعدتي شيئا طوال النهار غير القهوة، أدرتالمفتاح و انطلقت متجهة إلى بيتي
كان الهاتف يرن، فلم أكلف نفسي حتى النظر من المتصل؟؟ و ما الفائدة ففيكل الأحوال أنا لا أستطيع الإجابة و صوتي مفقود
كنت أتساءل بيني و بين نفسي: ما الذي أصابني؟ أين ذهبصوتي؟ هل سأتمكن من استرجاعه و التكلم من جديد، يا ربي، لم يبق إلا يومان على موعدسفري
أنا بحاجةللراحة، للاسترخاء، ربما من شدة توتري و إرهاقي تعبت أعصابي و حدث لي كل هذا، فأناوكما أسلفت الذكر لم أكن بخير، كان جسدي الصبور قد أعطى كل الإشارات بأنه قد كف عنالتحمل، و لكنني مع كل هذا كنت أكابر و لا ألقي لهبالا
و أخيرا، وصلتإلى بيتي، فتحت الباب، و مباشرة إلى الثلاجة، أخذت قنينة المياه وأفرغتها كاملة فيجوفي، فشعرت ببعض التحسن في أوداجي، لم تعد تؤلمني كثيرا، يجب أن أهدأ و أنسى كلالذي حصل معي اليوم، كيف السبيل إلى ذلك؟ فكل الأحداث تتلاحق في رأسي من ساعةزيارتي لخالي إلى منظر الدم الذي لطخ وجه حبيبي
كنت أشعر أن رأسي سينفجر من كثرة التفكير، جلست فيالبهو على فراش طويل يشبه الكنبة
فانتبهت إلى ملابسي و قد لطختها دماء حبيبي، فزعت لرؤيتها،فعاودني الشعور بالغثيان، ذهبت مسرعة إلى الحمام أفرغت جوفي من الماء الذي شربتهعند دخولي المنزل،
أنا بحاجة إلىأخذ حمام دافئ، ربما أتحسن قليلا، لم أفكر كثير في الأمر بل نفذته على الفور وبسرعة خرجت من الحمام، و ارتديت ملابس خفيفة و مريحة، و لكني ما زلت أشعر بالمرض،بل و تنتابني قشعريرة و بعدها حمى، و الشعور بالغثيان لا يفارقني، حاولت الاستلقاء،فعلت كل ما من شأنه أن يريحني إلا الطعام فأنا لا أطيق النظرإليه،
حاولت النوم فأغمضت عيوني ولكن دون جدوى، أحسست أن المسافة بيني و بين النوم كالمسافة بين السماء و الأرض، رغمشعوري بالتعب و الإنهاك،
لا زلت لاأقو على النطق، كنت أفتح فمي محاولة إصدار أي صوت مثل الخرساء، و لاصوت
يجب أن أعترف بالأمر، أنامريضة، كانت الساعة تشير تقريبا إلى السابعة مساء، ماذا سأفعل؟؟ و إذا حدث لي شيء وأنا وحدي، بمن أتصل؟؟ كيف سأتصل و أنا لا استطيع الكلام؟ و لأول مرة أكتشف أنني لستوحيدة فقط، بل أنا وحيدة جدا و بائسة
و لأول مرة كذلك أحس بالظلم، كانت دموعي تنسكب من عيني دون أن أصدرصوتا، و كان الشعور بالغثيان و المغص بمعدتي يكاد يقتلني
استلقيت علىظهري، كنت أحس بنبضات قلبي ضعيفة، و جسمي ثقيل، و رأسي سينفجر من الصداااع و لا زلت لا أقو على النطق، كنت أفتح فمي محاولةإصدار أي صوت مثل الخرساء
وبينما انا اصرخ محاولة اصدار صوتي واذا بصوووت اسمعه وكانه صادر من بئر يناديني فطيم حبيبتي ما بك لما تصرخين
استيقظي انه مجرررد حلم
فاستيقضت مذهولة وانا خائفة من ما وصلت اليه وقلت ما الذي حدث لصوتي وهل ما زلت على قيد الحياة اين طفلي اين اناااا
فضحكت ماما وقالت عن أي اطفال تتحدثين انه حلم يا حبيبتي
اذكري الله
فصمت قليلا محاولة التركيز هل فعلا كان حلما لا اااااا وكانه حقيقة لم يكن حلما انه كابوس مزعج جداااااا
حمدت ربي انه لم يكن حقيقة الحمد لله والشكر لله
ولا زلت اشكر الله مئة مرررررة على انه كااان مجررررد حلم
هههههههههههههههههههههههههههههههه
حراااااااااااااااااام عليك طلع حلم
هههههههههههههههههههههههه
بصراحـــــــــه عندك هويه جميله في كتابة الرويات ياليت تتطورين نفسك في هـــــذا المجــــــــــــال
تحـــــــــــــياتي لك يافتاة البحـــــــــرين
| انواع عرض الموضوع |
العرض العادي |
الانتقال إلى العرض المتطور |
الانتقال إلى العرض الشجري |