مون فايس ..:: مشرفه دليل المطبخ والتغذيه ::..


وفي الليلة التاسعة والسبعين


قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنها قالت: إن الأحنف بن قيس قال لمعاوية لما سأله: وأدم السواك فإن فيه اثنين وسبعين فضيلة وغسل الجمعة كفارة لما بين الجمعتين قال له معاوية: كيف رأيك لنفسك؟ قال: أوطئ قدمي على الأرض وأنقلهم على تمهل وأراعيها بعيني، قال: كيف رأيك إذا دخلت على نفر من قومك دون الأمراء؟ قال: أطرق حياء وأبدأ بالسلام وأدع ما لا يعنيني وأقل الكلام. قال: كيف رأيك إذا دخلت على نظرائك؟ قال: استمع لهم إذا قالوا ولا أجول عليهم إذا جالوا. قال: كيف رأيك إذا دخلت على أمرائك؟ قال: أسلم من غير إشارة وأنتظر الإجابة فإن قربوني قربت وإن بعدوني بعدت قال: كيف رأيك مع زوجتك؟ قال: اعفني من هذا يا أمير المؤمنين قال: أقسمت عليك أن تخبرني قال: أحسن الخلق وأظهر العشرة وأوسع النفقة فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج. قال: فما رأيك إذا أردت أن تجامعها؟ قال: أكلمها حتى تطيب نفسها وألثمها حتى تطرب فإن كان الذي تعلم طرحتها على ظهرها وإن استقرت النطفة في قرارها قلت: اللهم اجعلها مباركة ولا تجعلها شقية وصورها أحسن تصوير ثم أقوم عنها إلى الوضوء فأفيض الماء على يدي ثم أصبه على جسدي ثم أحمد الله على ما أعطاني من النعم. فقال معاوية: أحسنت في الجواب فقل حاجتك؟ فقال: حاجتي أن تتق الله في الرعية وتعدل بينهم بالسوية ثم نهض قائماً من مجلس معاوية فلما ولى قال معاوية لو لم يكن بالعراق إلا هذا لكفى ثم إن نزهة الزمان قالت: وهذه النبذة من جملة باب الأدب واعلم أيها الملك أنه كان معيقب عادلاً على بيت المال، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

توقيع
مون فايس ..:: مشرفه دليل المطبخ والتغذيه ::..


وفي الليلة الثمانين


قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان، قالت: واعلم أيها الملك أنه كان معيقب عاملاً على بيت المال في خلافة عمر بن الخطاب فاتفق أنه رأى بن عمر يوماً فأعطاه درهماً من بيت المال قال معيقب: وبعد أن أعطيته الدرهم انصرفت إلى بيتي فبينما أن أجالس وإذا برسول عمر جاءني فذهبت معه وتوجهت إليه فإذا الدرهم في يده وقال لي: ويحك يا معيقب أني قد وجدت في نفسك شيئاً قلتك يا أمير المؤمنين، قال: إنك تخاصم أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم يوم القيامة، وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري كتاباً مضمونه: إذا جاءك كتابي هذا فأعط الناس الذي لهم واحمل ما بقي ففعل فلما أعطوا عثمان الخلافة كتب إلى أبي موسى ذلك ففعل، وجاء زياد معه وضع الخراج بين يدي عثمان جاء راشد فأخذ منه درهماً فبكى زياد فقال عثمان: ما يبكيك؟ قال: أتيت عمر بن الخطاب بمثل ذلك أخذ ابنه فأمر بنزعه من يده وابنك أخذ فلم أر أحداً ينزعه منه أو يقول له شيئاً، فقال عثمان: وأين نلقى مثل عمرو. روى زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرجت مع عمر ذات ليلة حتى أشرفنا على نار تضرم فقال: يا أسلم إني أحسب هؤلاء ركبا أضربهم البرد، فانطلق بنا إليهم فخرجنا حتى أتينا إليهم فإذا امرأة توقد ناراً تحت قدر ومعها صبيان يتضاغون، فقال عمر: السلام عليكم أصحاب الضوء وكره أن يقول أصحاب النار ما بالكم؟ قالت: اضربنا البرد والليل قال: فما بال هؤلاء يضاغون؟ قالت: من الجوع قال: فما هذا القدر؟ قالت: ماء أسكتهم به وإن عمر بن الخطاب ليسأله الله يوم القيامة قال: وما يدري عمر بحالهم؟ قالت: كيف يتولى أمور الناس ويغفل عنهم؟ وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

توقيع
مون فايس ..:: مشرفه دليل المطبخ والتغذيه ::..


وفي الليلة الحادية والثمانين


قالت: بلغني أيها الملك السعيد قال أسلم: فأقبل عمر علي وقال: انطلق بنا فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الصرف فأخرج عدلاً فيه دقيق وإناء فيه شحم ثم قال: حملني هذا فقلت: أنا أحمله عنك يا أمير المؤمنين فقال: أتحمل عن وزري يوم القيامة؟ فحملته إياه وخرجنا نهرول حتى ألقينا ذلك العدل عندها ثم أخرج من الدقيق شيئاً وجعل يقول للمرأة: زددي إلي، وكان ينفخ تحت القدر وكان ذا لحية عظيمة فرأيت الدخان يخرج من خلال لحيته حتى طبخ وأخذ مقدار من الشحم فرماه فيه ثم قال: أطعميهم وأنا أبرد لهم ولم يزالوا كذلك حتى أكلوا وشبعوا وترك الباقي عندها ثم أقبل علي وقال: يا أسلم إني رأيت الجوع أبكاهم فأحببت أن لا أنصرف، حتى يتبين لي سب الضوء الذي رأيته. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثانية والثمانين قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت: قيل أن عمر مر براع مملوك فابتاعه شاة فقال له: إنها ليست لي فقال: أنت القصد فاشتراه ثم أعتقه وقال: اللهم كما رزقتني العتق الأصغر ارزقني العتق الأكبر، وقيل أن عمر بن الخطاب يطعم الحليب للخدم، ويأكل اللبن ويكسوهم الغليظ ويلبس الخشن ويعطي الناس حقوقهم ويزيد في عطائهم وأعطى رجلاً أربعة آلاف درهم وزده ألفاً فقيل: أما تزيد ابنك كما ردت هذا؟ قال: أتيت والده يوم أحد وقال الحسن: أتى عمر بمال كثير فأتته حفصة وقالت له: يا أمير المؤمنين حق قرابتك فقال: يا حفصة إنما أوصى الله بحق قرابتي من مالي وأما مال المسلمين فلا يا حفصة قد أرضيت قومك وأغضبت أباك فقامت تجر ذيلها. وقال ابن عمر: تضرعت إلى ربي سنة من السنين أن يريني أبي حتى رأيته يمسح العرق عن جبينه فقلت له: ماحالك يا والدي؟ فقال: لولا رحمة ربي لهلك أبوك. قالت نزهة الزمان: اسمع ايها الملك السعيد الفصل الثاني من الباب الثاني وهو باب الأدب والفضائل وما ذكر فيه من أخبار التابعين والصالحين. قال الحسن البصري: لا تخرج نفس آدم عن الدنيا إلا وهو يتأسف على ثلاثة أشياء: عدم تمتعه بما سمع، وعدم إدراكه لما أملى، وعدم استعداده بكثرة الزاد لما هو قادم عليه. وقيل لسفيان: هل يكون الرجل زاهد وله مال؟ قال: نعم إذا كان متى صبر ومتى أعطى شكر، وقيل لما حضرت عبد الله بن شداد الوفاة أحضر ولده محمد فأوصاه وقال له: يا بني إني لأرى داعي الموت قد دعاني فاتق ربك في السر والعلانية واشكر الله على ما أنعم واصدق في الحديث، فالشكر يؤذن بازدياد النعم والتقوى خير زاد في الميعاد. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثالثة والثمانين قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن عبد الله بن شداد يوصي ولده بأن خير زاد في الميعاد كما قال بعضهم: ولست ارى السعادة جمع مال ولكن التقي هو الـسـعـيد وتقوى الله خـير زاد حـقـاً وعند الله تلقـى مـا تـريد ثم قالت نزهة الزمان: ليسمع الملك هذه النكت من الفصل الثاني من الباب الأول، قيل لها: وما هي؟ قالت: لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة جاء لأهل بيته فأخذ ما بأيديهم ووضعه في بيت المال ففزعت بنو أميه إلى عمته فاطمة بنت مروان فأرسلت إليه قائلة: إنه لا بد من لقائك، ثم أتته ليلاً فأنزلها عن دابتها فلما أخذت مجلسها قال لها: يا عمة أنت أولى بالكلام لأن الحاجة لك فأخبرني عن مرادك فقالت: يا أمير المؤمنين أنت أولى بالكلام ورأيك يستكشف ما يخفي عن الأفهام فقال عمر ابن عبد العزيز: إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلمً رحمة للعالمين وعذاباً لقوم آخرين ثم اختار له ما عنده فقبضه إليه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

توقيع
مون فايس ..:: مشرفه دليل المطبخ والتغذيه ::..



وفي الليلة الرابعة والثمانين


قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت: فقال عمر بن عبد العزيز: إن الله قد بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وعذاباً لقوم آخرين ثم اختار له ما عنده فقبضه إليه وترك للناس نهراً يروي عطاشهم، ثم قال أبو بكر خليفة بعده فأجرى النهر مجراه وعمل ما يرضي الله، ثم قام عمر بعد أبي بكر فعمل خير أعمال الأبرار واجتهد اجتهاداً ما يقدر أحد على مثله، فلما قام عثمان اشتق من النهر نهراً ثم ولى معاوية فاشتق منه يزيد وبنو مروان كعبد الملك والوليد وسليمان حتى آل الأمر إلي فأحببت أن أرد النهر إلى ما كان عليه فقالت: قد أردت كلامك ومذكراتك فقط فإن كانت هذه مقالتك فلست بذاكرة لك شيئاً ورجعت إلى بني أمية فقالت لهم: ذوقوا عاقبة أمركم بتزويجكم إلى عمر بن الخطاب.
وقيل لما حضر عمر بن عبد العزيز الوفاة جمع أولاده حوله فقال له مسلمة بن عبد الملك: يا أمير المؤمنين كيف تترك أولادك فقراء وأنت راعيهم، فما يمنعك أحد في حياتك في أن تعطيهم من بيت المال ما يغنيهم وهذا أولى من أن ترجعه إلى الوالي بعدك؟ فنظر إلى مسلمة نظرة مغضب متعجب ثم قال: يا مسلمة منعتهم أيام حياتي فكيف أشقى بهم في مماتي؟ إن أولادي ما بين رجلين إما مطيع لله تعلى فالله يصلح شأنه وإما عاص فما كنت لأعينه على معصيته، يا مسلمة إني حضرت وإياك حين دفن بعض بني مروان فحملتني عيني فرأيته في المنام أفضى إلي أمر من أمور الله عز وجل فهالني وراعني فعاهدت الله أن لا أعمل عمله إن وليت، وقد اجتهدت في ذلك مدة حياتي وأرجو أن أفضي إلى عفو ربي، قال مسلمة: بقي رجل حضرت دفنه فلما فرغت من دفنه حملتني عيني فرأيته فيما يرى النائم في روضة فيها أنهار جارية وعليه ثياب بيض فأقبل علي وقال: يا مسلمة لمثل هذا فليعمل العاملون ونحو هذا كثير. وقال بعض الثقات: كنت أحلب الغنم في خلافة عمر بن عبد العزيز فمررت براع فرأيت مع غنمه ذئباً أو ذئاباً فظننت أنها كلابه ولم أكن رأيت الذئاب قبل ذلك فقلت له: ماذا تصنع بهذه الكلاب؟ فقال: إنها ليست كلاباً بل هي ذئاب فقلت: هل ذئاب في غنم لم تضرها؟ فقال: إذا أصلح الرأس صلح الجسد. وخطب عمر بن عبد العزيز على منبر من طين فحمد الله وأثنى عليه، ثم تكلم بثلاث كلمات فقال: أيها الناس أصلحوا أسراركم لتصلح علانيتكم لإخوانكم وتكفوا أمر دنياكم واعلموا أن الرجل ليس بينه وبين آدم رجل حي في الموتى، مات عبد الملك ومن قبله ويموت عمر ومن بعده، فقال له مسلمة: يا أمير المؤمنين لو علمنا أنك متكئاً لتقعد عليه قليلاً فقال: أخاف أن يكون في عنقي منه يوم القيامة، ثم شهق شهقة فخر مغشياً. فقالت فاطمة: يا مريم يا مزاحم يا فلان انظروا هذا الرجل فجاءت فاطمة تصب عليه الماء وتبكي حتى أفاق من غشيته فرآها تبكي فقال: ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا أمير المؤمنين رأيت مصرعك بين أيدينا فتذكرت مصرعك بين يدي الله عز وجل للموت وتخليك عن الدنيا وفراقك لنا فذاك الذي أبكانا فقال: حسبك يا فاطمة فلقد أبلغت، ثم أراد القيام فنهض ثم سقط فضمته فاطمة إليها وقالت: بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين ما نستطيع أن نكلمك كلنا. ثم إن نزهة الزمان قالت لأخيها شركان وللقضاة الأربعة تتمة الفصل الثاني من الباب الأول. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

توقيع
مون فايس ..:: مشرفه دليل المطبخ والتغذيه ::..


وفي الليلة الخامسة والثمانين


قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت لأخيها شركان وهي لم تعرفه بحضور القضاة الأربعة والتاجر تتمة الفصل الثاني من الباب الأول اتفق أن كتب عمر بن عبد العزيز إلى أهل الموسم: أما بعد فإني أشهد الله في الشهر الحرام ولبلد حرام ويوم الحج الأكبر أني أبرأ في ظلمكم وعدوان من اعتدى عليكم أن أكون أمرت بذلك أو تعمدته أو يكون أمر من أموره بلغني أو أحاط به علمي وأرجو أن يكون لذلك موضع من الغفران إلا أنه لا أذن مني بظلم أحد فإني مسئول عن كل مظلوم إلا وأي عامل من عمالي زاغ عن الحق وعمل بلا كتاب ولا سنة، فلا له طاعة عليكم حتى يرجع إلى الحق. وقال رضي الله عنه: ما أحب أن يخفف عني الموت لأنه آخرة يجر عليه المؤمن. وقال بعض الثقات: قدمت على أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فرأيت بين يديه اثني عشر درهماً فأمر وضعها في بيت المال. قلت: يا أمير المؤمنين إنك أفقرت أولادك وجعلتهم عيالاً لا شيء لهم فلوا أوصيت إليهم بشيء ولى من هو فقير من أهل بيتك فقال: ادن مني فدنوت منه فقال: أما قولك أفقرت أولادك فأوص إليهم أو إلى من هو فقير من أهل بيتك فغير سديد لأن الله خليفتي على أولادي وعلى من هو فقير من أهل بيتي وهو وكيل عليهم وهم ما بين رجلين إما رجل يتقي الله فسيجعل الله له مخرجاً وإما رجل معتكف على المعاصي فإني لم أكن لأقويه على معصية الله ثم بعث إليهم وأحضرهم بين يديه وكانوا اثني عشر ذكراً، فلما نظر إليهم ذرفت عيناه بالدموع ثم قال: إن أباكم ما بين أمرين: إما أن تستغنوا فيدخل أبوكم النار وإما أن تفتقروا فيدخل أبوكم الجنة ودخول أبيكم الجنة أحب إليه من أن تستغنوا، فدموا قد وكلت أمركم إلى الله.
وقال خالد بن صفوان: صحبني يوسف بن عمر إلى هشام بن عبد الملك فلما قدمت عليه وقد خرج بقرابته وخدمه فنزل في أرض وضرب له خيام، فلما أخذت الناس مجالسهم خرجت من ناحية البساط فنظرت إليه فلما صارت عيني في عينه قلت له: تمم الله نعمته عليك يا أمير المؤمنين إني أجد لك نصيحة أبلغ من حديث من سلف قبلك من الملوك، فاستوى جالساً وكان متكئاً وقال: هات ما عندك يا ابن صفوان فقلت: يا أمير المؤمنين إن ملكاً من الملوك خرج قبلك في عام قبل عامك هذا إلى هذه الأرض فقال لجلسائه: هل رأيتم مثل ما أنا فيه؟ وهل أعطى أحد مثل ما أعطيته؟ وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة والمعينين على الحق السالكين في منهاجه فقال أيها الملك إنك سألت عن أمر عظيم أتأذن لي في الجواب عنه؟ قال: نعم قال: رأيت الذي أنت فيه لم يزل زائلاً فقال: هو شيء زائل. قال: فما لي أراك قد أعجبت بشيء تكون فيه قليلاً وتسأل عنه طويلاً وتكون عند حسابه مرتهناً؟ قال: فأين المهرب وأين المطلب؟ قال: إن تقيم في ملكك فتعمل بطاعة الله تعالى أو تلبس أطمارك وتعبد ربك حتى يأتيك أجلك فإذا كان السحر فإني قادم عليك. قال خالد بن صفوان: ثم إن الرجل قرع عليه بابه عند السحر فرآه قد وضع تاجه وتهيأ للسياحة من عظم موعظته فبكى هشام بن عبد الملك بكاءاً كثيراً حتى بلل لحيته وأمر بنزع ما عليه ولزم قصره فأتت الموالي والخدم إلى خالد بن صفوان وقالوا: أهكذا فعلت يا أمير المؤمنين أفسدت لذته ونغصت حياته؟ ثم إن نزهة الزمان قالت لشركان: وكم في هذا الباب من النصائح، وإني أعجز عن الاتيان بجميع ما في هذا الباب في مجلس واحد. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
الليلة السادسة والثمانين قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت لشركان: وكم في هذا الباب من النصائح وإني لأعجز عن الإتيان لك بجميع ما قيل في هذا الباب في مجلس واحد ولكن على طول الأيام يا ملك الزمان يكون خيراً، فقال القضاة: أيها الملك إن هذه الجارية أعجوبة الزمان ويتيمة العصر والأوان فإننا ما رأينا ولا سمعنا بمثلها في زمن من الأزمان، ثم إنهم ودعوا الملك وانصرفوا، فعند ذلك التفت شركان إلى خدمه وقال لهم: اشرعوا في عمل العرس وهيئوا الطعام من جميع الألوان فامتثلوا أمره في الحال وهيأوا جميع الأطعمة وأمر نساء الأمراء والوزراء وعظماء الدولة أن لا ينصرفوا حتى يحضروا جلاء العروس، فما جاء وقت العصر حتى مدوا السفرة مما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأكل جميع الناس حتى اكتفوا، وأمر الملك أن تحضر كل مغنية في دمشق فحضرن وكذلك جواري الملك اللاتي يعرفن الغناء وطلع جميعهن إلى القصر. فلما أتى المساء وأظلم الظلام أوقدوا الشموع في باب القلعة إلى باب القصر يميناً وشمالاً ومشى الأمراء والوزراء والكبراء بين يدي الملك شركان وأخذت المواشط الصبية ليزينها ويلبسنها فرأينها لا تحتاج إلى زينة وكان الملك شركان قد دخل الحمام، فلما خرج جلس على المنصة وجليت عليه العروس ثم خففوا عنها ثيابها وأوصوها بما توسى به البنات ليلة الزفاف ودخل عليها شركان وأخذ وجهها وعلقت منه في تلك الليلة وأعلمته بذلك ففرح فرحاً شديداً وأمر الحكماء أن يكتبوا تاريخ الحمل، فلما أصبح جلس على الكرسي وطلع له أرباب دولته وهنئوه وأحضر كاتب سره وأمره أن يكتب كتاباً لوالده عمر النعمان بأنه اشترى جارية ذات علم وخلق قد حوت فنون الحكمة وأنه لا بد من إرسالها إلى بغداد لتزور أخاه ضوء المكان وأخته نزهة الزمان وأنه أعتقها وكتب كتابه عليها ودخل بها وحملت منه. ثم ختم الكتاب وأرسله إلى أبيه بصحبة بريد فطال ذلك البريد شهراً كاملاً ثم رجع إليه بجوابه وناوله فأخذه وقرأه فإذا فيه البسملة هذا من عند الحائر الولهان الذي فقد الولدان وهجر الأوطان الملك عمر النعمان إلى ولده شركان، اعلم أنه بعد مسيرك من عندي ضاق علي المكان حتى لا أستطيع صبراً ولا أقدر أن أكتم سراً، وسبب ذلك أنني ذهبت إلى الصيد والقنص وكان ضوء المكان قد طلب مني الذهاب إلى الحجاز فخفت عليه من نوائب الزمان ومنعته من السفر إلى العام الثاني أو الثالث، فلما ذهبت إلى الصيد والقنص غبت شهراً. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك عمر النعمان قال في مكتوبه: فلما ذهبت إلى الصيد والقنص غبت شهراً فلما أتيت وجدت أخاك وأختك أخذا شيئاً من المال وسافرا مع الحجاج خفية، فلما علمت بذلك ضاق بي الفضاء وقد انتظرت مجيء الحجاج لعلهما يجيئان فلما جاء الحجاج سألت عنهما فلم يخبرني أحد بخبرهما فلبست لأجلهما ثياب الحزن وأنا مرهون الفؤاد عديم الرقاد غريق دمع العي، ثم أنشد هذين البيتين: خيالهما عندي لـيس بـغـائب جعلت له القلب أشرف موضع ولولا رجاء لعود ما عشت ساعة ولولا خيال الطيف لم أتهجـع ثم كتب: بعد السلام عليك وعلى من عندك أعرفك أنك لا تتهاون في كشف الأخبار فإن هذا علينا عار، فلما قرأ الرسالة حزن على حزن أبيه وفرح لفقد أخته وأخيه وأخذ الكتاب ودخل به على زوجته نزهة الزمان ولم يعلم أنها أخته وهي لا تعلم أنه أخوها مع أنه يتردد عليها ليلاً ونهاراً إلى أن أكملت أشهرها وجلست على كرسي الطلق فسهل الله عليها الولادة فولدت بنتاً فأرسلت تطلب شركان فلما رأته قالت له: هذه ابنتك فسمها ما تريد فإن عادة الناس أن يسموا أولادهم في سابق يوم ولادتهم، ثم انحنى شركان على ابنتها وقبلها فوجد في عنقها خرزة معلقة من الثلاث خرزات التي جاءت بها الملكة إبريزة من بلاد الروم، فلما عاين الخرزة حتى عرفها حق المعرفة، ثم نظر إلى نزهة الزمان وقال لها: من أين جاءتك هذه الخرزة يا جارية؟ فلما سمعت من شركان ذلك الكلام قالت له: أنا سيدتك وسيدة كل من في قصرك أما تستحي وأنت تقول: يا جارية؟ وأنا ملكة بنت ملك والآن زال الكتمان واشتهر الأمر وبان أنا نزهة الزمان بنت الملك عمر النعمان فلما سمع منها هذا الكلام لحقه الارتعاش وأطرق برأسه إلى الأرض. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

توقيع

Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2025, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية