بعيـ النظرة ـد ..:: عضو مميز ::..

نظرة على قصة الجاسوسة الخائنة هبة سليم

http://www.youtube.com/watch?v=fR8qS...eature=related
منذ أن كتب الأستاذ صالح مرسي قصة "عبلة كامل" في فيلم "الصعود الى الهاوية" وصورة هذه الخائنة مرتسمة بخيالنا. . وحفظنا تفاصيل تجنيدها وخيانتها حتى سقطت في قبضة المخابرات المصرية هي وخطيبها.

والجديد هنا في قصة عبلة كامل. . أو "هبة سليم" الحقيقية. . معلومات جديدة تماماً أعلن عنها مؤخراً .. وكانت خافية حتى بضع سنوات خلت . . كشفت النقاب عن شريكها الضابط العسكري المقدم فاروق الفقي.

إنها قصة مثيرة وعجيبة. . قصة أول جاسوسة عربية استُغلت أديولوجياً. . وعملت لصالح الموساد ليس لأجل المال أو الجاه أو أي شيء سوى الوهم. . الوهم فقط. .وفي اجتماع موسع.. وضعت خطة القبض على هبة. . وعهد الى اللواء حسن عبد الغني ومعه ضابط آخر بالتوجه الى ليبيا لمقابلة والدها في طرابلس حيث كان يشغل وظيفة كبيرة هناك. وعرفاه على شخصيتهما وشرحا له أن ابنته هبة التي تدرس في باريس تورطت في عملية اختطاف طائرة مع منظمة فلسطينية، وأن الشرطة الفرنسية على وشك القبض عليها . . وما يهم هو ضرورة هروبها من فرنسا لعدم توريطها، ولمنع الزج باسم مصر في مثل هذه العمليات الارهابية. وطلبا منه أن يساعدهما بأن يطلبها للحضور لرؤيته حيث أنه مصاب بذبحة صدرية.

أرسل الوالد برقية عاجلة لابنته. . فجاء ردها سريعاً ببرقية تطلب منه أن يغادر طرابلس الى باريس. . حيث إنها حجزت له في أكبر المستشفيات هناك وأنها ستنتظره بسيارة إسعاف في المطار. . وأن جميع الترتيبات للمحافظة على صحته قد تم اتخاذها.

ولكي لا تترك المخابرات المصرية ثغرة واحدة قد تكشف الخطة بأكملها. . فقد تم إبلاغ السلطات الليبية بالقصة الحقيقية، فتعاونت بإخلاص مع الضابطين من أجل اعتقال الجاسوسة المصرية. وتم حجز غرفة في مستشفى طرابلس وإفهام الأطباء المسؤولين مهمتهم وما سيقومون به بالضبط.

وبعدما أرسل والدها رداً بعدم استطاعته السفر الى باريس لصعوبة حالته. . صح ما توقعه الضابطان، إذ حضر شخصان من باريس للتأكد من صحة البرقية وخطورة المرض، وسارت الخطة كما هو مرسوم لها، وذهب الاسرائيليان الى المستشفى وتأكدا من الخبر، فاتصلا في الحال بالفتاة التي ركبت الطائرة الليبية في اليوم التالي الى طرابلس. وعلى سلم الطائرة عندما نزلت هبة عدة درجات كان الضابطان المصريان في انتظارها، وصحباها الى حيث تقف الطائرة المصرية على بعد عدة أمتار من الطائرة الليبية. . فسألتهما:
إحنا رايحين فين؟

فرد أحدهما:

المقدم فاروق عايز يشوفك.

فقالت:
هو فين؟.

فقال لها:
في القاهرة.

صمتت برهة ثم سألت:
أمال إنتم مين؟

فقال اللواء حسن عبد الغني:
إحنا المخابرات المصرية.

وعندما أوشكت أن تسقط على الأرض.. أمسكا بها وحملاها حملاً الى الطائرة التي أقلعت في الحال، بعد أن تأخرت ساعة عن موعد إقلاعها في انتظار الطائرة القادمة من باريس بالهدية الغالية.

لقد تعاونت شرطة المطار الليببي في تأمين انتقال الفتاة لعدة أمتار حيث تقف الطائرة المصرية. .وذلك تحسباً من وجود مراقب أو أكثر صاحب الفتاة في رحلتها بالطائرة من باريس.. قد يقدم على قتل الفتاة قبل أن تكشف أسرار علاقتها بالموساد.

وبلا شك. . فاعتقال الفتاة بهذا الأسلوب الماهر جعلها تتساءل عن القيمة الحقيقية للوهم الذي عاشته مع الإسرائيليين. فقد تأكدت أنهم غير قادرين على حمايتها أو إنقاذها من حبل المشنقة. وهذا ما جعلها تعترف بكل شيء بسهولة بالتفصيل. . منذ أن بدأ التحقيق معها في الطائرة بعد إقلاعها مباشرة. وبعد أيام قليلة من اعتقالها تبين لها وللجميع عجز الإسرائيليين عن حماية إسرائيل نفسها وعدم قدرتهم على إنقاذها.

فقد جاءت حرب أكتوبر وتدمير خط بارليف بمثابة الصدمة التي أذهلت أمريكا قبل إسرائيل. فالخداع المصري كان على أعلى مستوى من الدقة والذكاء. وكانت الضربة صائبة غذ أربكت العدو أشلته. . لولا المدد العسكري الأمريكي.. والأسلحة المتطورة.. والصواريخ السرية. . والمعونات. . وإرسال الطيارين والفنيين الأمريكان كمتطوعين .

لقد خسرت إسرائيل في ذلك الوقت من المعركة حوالي مائتي طائرة حربية. ولم تكن تلك الخسارة تهم القيادة الاسرائيلية بقدر ما خسرته من طيارين ذوي كفاءة عالية قتلوا في طائراتهم، أو انهارت أعصاب بعضهم ولم يعودوا صالحين للقتال. ولقد سبب سقوط الطائرات الاسرائيلية بالعشرات حالة من الرعب بعد عدة أيام من بدء المعركة. . الى أن وصلت المعونات الامريكية لإسرائيل في شكل طيارين وفنيين ووسائل إعاقة وتشويش حديثة.

لا أحد يعرف
تبخرت أوهام الجاسوسة هبة سليم. . وأيقنت أنها كانت ضحية الوهم الذي سيطر على فكرها وسرى بشرايينها لمدة طويلة للدرجة التي ظنت أنها تعيش الواقع من خلاله. . لكن.. ها هي الحقائق تتضح بلا رتوش أو أكاذيب.

لقد حكم عليها بالإعدام شنقاً بعد محاكمة منصفة اعترفت صراحة أمامها بجريمتها.. وأبدت ندماً كبيراً على خيانتها. وتقدمت بالتماس لرئيس الجمهورية لتخفيف العقوبة ولكن التماسها رفض.

وكانت تعيش أحلك أيامها بالسجن تنتظر تنفيذ الحكم. . عندما وصل هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي – اليهودي الديانة – لمقابلة الرئيس السادات في أسوان في أول زيارة له الى مصر بعد حرب أكتوبر.. وحملته جولدا مائير رسالة الى السادات ترجوه تخفيف الحكم على الفتاة. ومن المؤكد أن كيسنجر كان على استعداد لوضع ثقله كله وثقل دولته خلف هذا الطلب. وتنبه الرئيس السادات الذي يعلم بتفاصيل التحقيقات مع الفتاة وصدور الحكم بإعدامها.. الى أنها ستصبح مشكلة كبيرة في طريق السلام. فنظر الى كيسنجر قائلاً: "تخفيف حكم؟ .. ولكنها أعدمت.. !!".

دهش كيسنجر وسأل الرئيس: "متى.. ؟"

ودون أن ينظر لمدير المخابرات الحربية قال السادات كلمة واحدة: "النهاردة".

وفعلاً .. تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في هبة سليم في اليوم نفسه في أحد سجون القاهرة.

أما الضابط العاشق – المقدم فاروق عبد الحميد الفقي – فقد استقال قائده من منصبه لأنه اعتبر نفسه مسؤولاً عنه بالكامل.

وعندما طلبت منه القيادة العامة سحب استقالته، رفض بشدة وأمام إصرار القيادة على ضرورة سحب استقالته.. خاصة والحرب وشيكة. .اشترط القائد للموافقة على ذلك أن يقوم هو بتنفيذ حكم الإعدام في الضابط الخائن. ولما كان هذا الشرط لا يتفق والتقاليد العسكرية. .وما يتبع في مثل هذه الأحوال. . فقد رفع طلبه الى وزير الدفاع "الحربية" الذي عرض الأمر على الرئيس السادات "القائد الأعلى للقوات المسلحة" فوافق فوراً ودون تردد.

وعندما جاء وقت تنفيذ حكم الإعدام رمياً بالرصاص في الضابط الخائن. . لا أحد يعرف ماذا كان شعور قائده وهو يتقدم ببطء. . يسترجع في شريط سريع تسع سنوات مرت عليهما في مكتب واحد. . تسع سنوات كان بعضها في سواد الليل. . وبعضها تتلألأ خلاله ومضات الأمل قادمة من بعيد. . الأمل في الانتصار على اليهود الخنازير القتلة السفاحين.. وبينما كان يخطط لحرب أكتوبر كان بمكتبه هذا الخائن الذي باع الوطن والأمن وقتل بخيانته أبرياء..

لا أحد يعرف ماذا قال القائد له. . وماذا كان رد الضابط عليه. . لا أحد يعرف.

هل طلب منه أن ينطق بالشهادتين، وأن يطلب المغفرة من الله؟. . . لا أحد يعرف.

لكن المؤكد أنه أخرج مسدسه من جرابه. . وصوبه على رأس الضابط وأطلق طلقتني عليه كما تقضي التعليمات العسكرية في حالة إعدام


فكانت بذلك اول حالة شاذة لم تماثلها حالة أخرى من قبل . . أو بعد. . !!

حقائق ثابتة
لم تدخر المخابرات الاسرائيلية وسيلة عند تجنيدها للجواسيس إلا وجربتها. وأيضاً – لم تعتمد على فئة معينة من الخونة . . بل جندت كل من صادفها منهم واستسهل بيع الوطن بثمن بخس وبأموال .. حرام، وأشهر هؤلاء على الإطلاق – هبة عبد الرحمن سليم عامر – وخطيبها المقدم فاروق عبدالحميد الفقي.

إنها إحدى أشرس المعارك بين المخابرات الحربية المصرية والمخابرات الإسرائيلية. معركة أديرت بذكاء شديد وبسرية مطلقة، انتصرت فيها المخابرات المصرية في النهاية. وأفقدت العدو توازنه، وبرهنت على يقظة هؤلاء الأبطال الذين يحاربون في الخفاء من اجل الحفاظ على أمن الوطن وسلامته.

لقد بكت جولدا مائير حزناً على مصير هبة التي وصفتها بأنها "قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماء إسرائيل" وعندما جاء هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي ليرجو السادات تخفيف الحكم عليها. . كانت هبة تقبع في زنزانة انفرادية لا تعلم أن نهايتها قد حانت بزيارة الوزير الامريكي.

لقد تنبه السادات فجأة الى أنها قد تصبح عقبة كبيرة في طريق السلام، فأمر بإعدامها فوراً، ليسدل الستار على قصة الجاسوسة التي باعت مصر ليس من أجل المال أو الجنس أو العقيدة. . إنما لأج الوهم الذي سيطر على عقلها وصور لها بأن إسرائيل دولة عظمى لن يقهرها العرب. وجيشها من المستحيل زحزحته عن شبر واحد من سيناء، وذلك لأن العرب أمة متكاسلة أدمنت الذل والفشل، فتفرقت صفوفهم ووهنت قوتهم . .الى الأبد.

آمنت هبة بكل هذه الخرافات، ولم يستطع والدها – وكيل الوزارة بالتربية والتعليم – أن يمحو أوهامها أو يصحح لها خطأ هذه المفاهيم.

ولأنها تعيش في حي المهندسين الراقي وتحمل كارنيه عضوية في نادي "الجزيرة" – أشهر نوادي القاهرة – فقد اندمجت في وسط شبابي لا تثقل عقله سوى أحاديث الموضة والمغامرات، وبرغم هزيمة 1967 الفادحة والمؤلمة للجميع. . إلا أن هبة انخرطت في "جروب" من شلة أولاد الذوات تسعى خلف أخبار الهيبز، وملابس الكاوبوي وأغاني ألفيس بريسلي.

وعندما حصلت على الثانوية العامة ألحت على والدها للسفر الى باريس لإكمال تعليمها الجامعي، فالغالبية العظمى من شباب النادي أبناء الهاي لايف، لا يدخلون الجامعات المصرية ويفضلون جامعات أوروبا المتحضرة .

وأمام ضغوط الفتاة الجميلة وحبات لؤلؤ مترقرقة سقطت على خديها، وافق الأب وهو يلعن هذا الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه ولا بد من مسايرة عاداته وتقاليده.

وفي باريس لم تنبهر الفتاة كثيراً، فالحرية المطلقة التي اعتادتها في مصر كانت مقدمة ممتازة للحياة والتحرر في عاصمة النور.

ولأنها درست الفرنسية منذ طفولتها فقد كان من السهل عليها أيضاً أن تتأقلم بسرعة مع هذا الخليط العجيب من البشر. ففي الجامعة كانت تختلف كل الصور عما ترسب بمخيلتها. . إنها الحرية بمعناها الحقيقي، الحرية في القول والتعبير . . وفي اختيار المواد الدراسية. . بل وفي مواعيد الامتحان أيضاً، فضلاً عن حرية العلاقة بين الجنسين التي عادة لا تقتصر على الحياة الجامعية فحسب. . بل تمتد خارجها في شمولية ممتزجة باندفاع الشباب والاحتفاء بالحياة.

جمعتها مدرجات الجامعة بفتاة يهودية من أصول بولندية دعتها ذات يوم لسهرة بمنزلها، وهناك التقت بلفيف من الشباب اليهود الذي تعجب لكونها مصرية جريئة لا تلتفت الى الخلف، وتنطلق في شراهة تمتص رحيق الحرية. . ولا تهتم بحالة الحرب التي تخيم على بلدها، وتهيمن على الحياة بها.

لقد أعلنت صراحة في شقة البولندية أنها تكره الحرب، وتتمنى لو أن السلام عم المنطقة. وفي زيارة أخرى أطلعتها زميلتها على فيلم يصور الحياة الاجتماعية في إسرائيل، وأسلوب الحياة في "الكيبوتز" وأخذت تصف لها كيف أنهم ليسوا وحوشاً آدمية كما يصورهم الإعلام العربي، بل هم أناس على درجة عالية من التحضر والديموقراطية.

وعلى مدار لقاءات طويلة مع الشباب اليهودي والامتزاج بهم بدعوى الحرية التي تشمل الفكر والسلوك. . استطاعت هبة أن تستخلص عدة نتائج تشكلت لديها كحقائق ثابتة لا تقبل السخرية. أهم هذه النتائج أن إسرائيل قوية جداً وأقوى من كل العرب. وأن أمريكا لن تسمح بهزيمة إسرائيل في يوم من الأيام بالسلاح الشرقي.. ففي ذلك هزيمة لها.

آمنت هبة أيضاً بأن العرب يتكلمون أكثر مما يعملون. وقادتها هذه النتائج الى حقد دفين على العرب الذين لا يريدون استغلال فرصة وجود إسرائيل بينهم ليتعلموا كيفية اختزال الشعارات الى فعل حقيقي. وأول ما يبدأون به نبذ نظم الحكم التي تقوم على ديموقراطية كاذبة وعبادة للحاكم.

وثقت هبة أيضاً في أحاديث ضابط الموساد الذي التقت به في شقة صديقتها. . وأوهمها باستحالة أن ينتصر العرب على إسرائيل وهم على خلاف دائم وتمزق خطير، في حين تلقى إسرائيل الدعم اللازم في جميع المجالات من أوروبا وأمريكا.

هكذا تجمعت لديها رؤية أيديولوجية باهتة، تشكلت بمقتضاها اعتقاداتها الخاطئة، التي قذفت بها الى الهاوية.

الشك المجنون
كانت هذه الأفكار والمعتقدات التي اقتنعت بها الفتاة سبباً رئيسياً لتجنيدها للعمل لصالح الموساد .. دون إغراءات مادية أو عاطفية أثرت فيها، مع ثقة أكيدة في قدرة إسرائيل على حماية "أصدقائها" وإنقاذهم من أي خطر يتعرضون له في أي مكان في العالم.

هكذا عاشت الفتاة أحلام الوهم والبطولة، وأرادت أن تقدم خدماتها لإسرائيل طواعية ولكن.. كيف؟ الحياة في أوروبا أنستها هواء الوطن. .وأغاني عبد الحليم حافظ الوطنية. .وبرج القاهرة الذي بناه عبد الناصر من أموال المخابرات الأمريكية التي سخرتها لاغتياله.

فقط تذكرت فجأة المقدم فاروق الفقي الذي كان يطاردها في نادي الجزيرة، ولا يكف عن تحين الفرصة للانفراد بها. .وإظهار إعجابه الشديد ورغبته الملحة في الارتباط بها. لقد ملت كثيراً مطارداته لها من قبل في النادي وخارج النادي، وكادت يوماً ما أن تنفجر فيه غيظاً في التليفون. . وذلك عندما تلاحقت أنفاسه اضطراباً وهو يرجوها أن تحس به. مئات المرات قال لها: "أعبدك .. أحبك .. أهواك يا صغيرتي". ولكنها كانت قاسية عنيفة في صده.

تذكرت هبة هذا الضابط الولهان، وتذكرت وظيفته الهامة في مكان حساس في القوات المسلحة المصرية، وعندما أخبرت ضابط الموساد عنه. .كاد أن يطير بها فرحاً، ورسم لها خطة اصطياده.

وفي أول أجازة لها بمصر. . كانت مهمتها الأساسية تنحصر في تجنيده.. وبأي ثمن، وكان الثمن خطبتها له. وفرح الضابط العاشق بعروسه الرائعة التي فاز بها أخيراً، وبدأت تدريجياً تسأله عن بعض المعلومات والأسرار الحربية. . وبالذات مواقع الصواريخ الجديدة التي وصلت من روسيا. . فكان يتباهى أمامها بأهميته ويتكلم في أدق الأسرار العسكرية، ويجيء بها بالخرائط زيادة في شرح التفاصيل.

أرسلت هبة سليم على الفور بعدة خطابات الى باريس بما لديها من معلومات ولما تبينت إسرائيل خطورة وصحة ما تبلغه هذه الفتاة لهم.. اهتموا بها اهتماماً فوق الوصف. وبدأوا في توجيهها الى الأهم في تسليح ومواقع القوات المسلحة. . وبالذات قواعد الصواريخ والخطط المستقبلية لإقامتها، والمواقع التبادلية المقترحة.

وسافرت هبة الى باريس مرة ثانية تحمل بحقيبتها عدة صفحات. . دونت بها معلومات غاية في السرية والأهمية للدرجة التي حيرت المخابرات الاسرائيلية. فماذا سيقدمون مكافأة للفتاة الصديقة؟

سؤال كانت إجابته عشرة آلاف فرنك فرنسي حملها ضابط الموساد الى الفتاة .. مع وعد بمبالغ أكبر وهدايا ثمينة وحياة رغدة في باريس. رفضت هبة النقود بشدة وقبلت فقط السفر الى القاهرة على نفقة الموساد بعد ثلاثة أشهر من إقامتها بباريس. كانت الوعود الراقة تنتظرها في حالة ما إذا جندت خطيبها ليمدهم بالأسرار العسكرية التي تمكنهم من اكتشاف نوايا المصريين تجاههم.

لم يكن المقدم فاروق الفقي بحاجة الى التفكير في التراجع، إذ أن الحبيبة الرائعة هبة كانت تعشش بقلبه وتستحوذ على عقله.. ولم يعد يملك عقلاً ليفكر، بل يملك طاعة عمياء سخرها لخدمة إرادة حبيبته. وعندما أخذها في سيارته الفيات 124 الى صحراء الهرم.. كان خجولاً لفرط جرأتها معه، وأدعت بين ذراعيه أنها لم تصادف رجلاً قبله أبداً. وأبدت رغبتها في قضاء يوم كامل معه في شقته. ولم يصدق أذنيه. فهو قد ألح عليها كثيراً من قبل لكنها كانت ترفض بشدة. الآن تعرض عليه ذلك بحجة سفرها، وفي شقته بالدقي تركت لعابه يسيل، وجعلته يلهث ضعفاً وتذللاً..

ولما ضمها الى صدره في نهم ورغبة واقتربت شفتاه منها.. صدته في تمنع كاذب. . فاندفع اليها بشوق أكثر، ولملم جرأته كلها وأطبق على شفتيها يروي ظمأ ملهوفاً تلسعه موجات من صهد أنوثتها. فأذاقته قبلة طويلة غمست بلذائذ من النشوة، وحمم من الرغبات، فطار عقله وبدا كطفل نشبث بأمه في لحظة الجوع، لكنها.. هيهات أن تمنحه كل ما يريد. فقد حجبت عنه رعشة الوطر وأحكمت قيدها حول رقبته فمشى يتبعها أينما سارت. . وسقط ضابط الجيش المصري في بئر الشهوة ووقّع وثيقة خيانته عارياً على صدرها، ليصير في النهاية عميلاً للموساد تمكن من تسريب وثائق وخرائط عسكرية.. موضحاً عليها منصات الصواريخ "سام 6" المضادة للطائرات. . التي كانت القوات المسلحة تسعى ليلى نهار لنصبها لحماية مصر من غارات العمق الاسرائيلية.

لقد تلاحظ للقيادة العامة للقوات المسلحة ولجهازي المخابرات العامة والحربية، أن مواقع الصواريخ الجديد تدمر أولاً بأول بواسطة الطيران الإسرائيلي. حتى قبل أن يجف الأسمنت المسلح بها، وحودث خسائر جسيمة في الأرواح، وتعطيل في تقدم العمل وإنجاز الخطة التي وضعت لإقامة حائط الصواريخ المضادة للطائرات.

تزامنت الأحداث مع وصول معلومات لرجال المخابرات المصرية. . بوجود عميل "عسكري" قام بتسريب معلومات سرية جداً الى إسرائيل. وبدأ شك مجنون في كل شخص ذي أهمية في القوات المسلحة، وفي مثل هذه الحالات لا يستثنى أحد بالمرة بدءاً من وزير الدفاع.

يقول السفير عيسى سراج الدين سفير مصر في كوبنهاجي، ووكيل وزارة الخارجية بعد ذلك:

"اتسعت دائرة الرقابة التليفزيونية والبريدية لتشمل دولاً كثيرة أخرى، مع رفع نسبة المراجعة والرقابة الى مائة في المائة من الخطابات وغيرها، كل ذلك لمحاولة كشف الكليفية التي تصل بها هذه المعلومات الى الخارج. كما بدأت رقابة قوية وصارمة على حياة وتصرفات كل من تتداول أيديهم هذه المعلومات من القادة، وكانت رقابة لصيقة وكاملة. وقد تبينت طهارتهم ونقاءهم.

ثم أدخل موظفو مكاتبهم في دائرة الرقابة. . ومساعدوهم ومديرو مكاتبهم .. وكل من يحيط بهم مهما صغرت أو كبرت رتبته".

وفي تلك الأثناء كانت هبة سليم تعيش حياتها بالطول وبالعرض في باريس. وعرفت الخمر والتدخين وعاشت الحياة الاوروبية بكل تفاصيلها. وكانت تشعر في قرارة نفسها بأنها خلقت لتعيش في أوروبا، وتكره مجرد مرور خاطرة سريعة تذكرها بمصريتها.

لقد نزفت عروبتها نزفاً من شرايين حياتها، وتهللت بشراً عندما عرض عليها ضابط الموساد زيارة إسرائيل، فلم تكن لتصدق أبداً أنها مهمة الى هذه الدرجة، ووصفت هي بنفسها تلك الرحلة قائلة: "طائرتان حربيتان رافقتا طائرتي كحارس شرف وتحية لي. وهذه إجراءات تكريمية لا تقدم أبداً إلا لرؤساء وملوك الدول الزائرين، حيث تقوم الطائرات المقاتلة بمرافقة طائرة الضيف حتى مطار الوصول.

وفي مطار تل أبيب كان ينتظرني عدد من الضباط اصطفوا بجوار سيارة ليموزين سوداء تقف أسفل جناح الطائرة، وعندما أدوا التحية العسكرية لي تملكني شعور قوي بالزهو. واستقبلني بمكتبه مائير عاميت رئيس جهاز الموساد ، وأقام لي حفل استقبال ضخماً ضم نخبة من كبار ضباط الموساد على رأسهم مايك هراري الأسطورة (2)، وعندما عرضوا تلبية كل "أوامري". . طلبت مقابلة جولدا مائير رئيسة الوزراء التي هزمت العرب ومرغت كرامتهم، ووجدت على مدخل مكتبها صفاً من عشرة جنرالات إسرائيليين أدوا لي التحية العسكرية. . وقابلتني مسز مائير ببشاشة ورقة وقدمتني اليهم قائلة: "إن هذه الآنسة قدمت لإسرائيل خدمات أكثر مما قدمتم لها جميعاً مجتمعين".

وبعد عدة أيام عدت الى باريس. . وكنت لا أصدق أن هذه الجنة "إسرائيل" يتربص بها العرب ليدمروها!!

سفر بلا عودة
وفي القاهرة . . كان البحث لا يزال جارياً على أوسع نطاق، والشكوك تحوم حول الجميع، الى أن اكتشف أحد مراقبي الخطابات الأذكياء "من المخابرات المصرية" خطاباً عادياً مرسلاً الى فتاة مصرية في باريس سطوره تفيض بالعواطف من حبيبها. لكن الذي لفت انتباه المراقب الذكي عبارة كتبها مرسل الخطاب تقولن أنه قام بتركيب إيريال الراديو الذي عنده، ذلك أن عصر إيريال الراديو قد انتهى. إذن .. فالإيريال يخص جهازاً لاسلكياً للإرسال والاستقبال.

وانقلبت الدنيا في جهازي المخابرات الحربية والمخابرات العامة وعند ضباط البوليس الحربي، وتشكلت عدة لجان من أمهر رجال المخابرات، ومع كل لجنة وكيل نيابة ليصدر الأمر القانوني بفتح أي مسكن وتفتيشه. وكانت الأعصاب مشدودة حتى أعلى المستويات في انتظار نتائج اللجان، حتى عثروا على جهاز الإيريال فوق إحدى العمارات.. واتصل الضباط في الحال باللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية وأبلغوه باسم صاحب الشقة. . فقام بإبلاغ الفريق أول أحمد اسماعيل وزير الدفاع "قبل أن يصبح مشيراً" الذي قام بدوره بإبلاغ الرئيس السادات.

حيث تبين أنالشقة تخص المقدم فاروق الفقي، وكان يعمل وقتها مديراً لمكتب أحد القيادات الهامة في الجيش، وكان بحكم موقعه مطلعاً على أدق الأسرار العسكرية، فضلاً عن دوره الحيوي في منظمة سيناء

وكان الضابط الجاسوس أثناء ذلك في مهمة عسكرية بعيداً عن القاهرة.

وعندما اجتمع اللواء فؤاد نصار بقائدالضابط الخائن. . "قيل بعد ذلك أنه ضابط كبير له دور معروف في حرب أكتوبر واشتهر بخلافه مع الرئيس السادات حول الثغرة". . رفض القائد أن يتصور حدوث خيانة بين أحد ضباط مكتبه. خاصة وأن المقدم فاروق يعمل معه منذ تسع سنوات، بل وقرر أن يستقيل من منصبه إذا ما ظهر أن رئيس مكتبه جاسوس للموساد.

وعندما دخل الخائن الى مكتبه.. كان اللواء حسن عبد الغني نائب مدير المخابرات الحربية ينتظره جالساً خلف مكتبه بوجه صارم وعينين قاسيتين فارتجف رعباً وقد جحظت عيناه وقال في الحال "هو أنت عرفتوا؟؟".

وعندما ألقى القبض عليه استقال قائده على الفور، ولزم بيته حزيناً على خيانة فاروق والمعلومات الثمينة التي قدمها للعدو.

وفي التحقيق اعترف الضابط الخائن تفصيلياً بأن خطيبته جندته بعد قضاء ليلة حمراء معها .. وأنه رغم إطلاعه على أسرار عسكرية كثيرة إلا أنه لم يكن يعلم أنها ستفيد العدو.

وعند تفتيش شقته أمكن العثور على جهاز اللاسلكي المتطور الذي يبث من خلاله رسائله، وكذا جهاز الراديو ونوتة الشفرة، والحبر السري الذي كان بزجاجة دواء للسعال. ضبطت أيضاً عدة صفحات تشكل مسودة بمعلومات هامة جداً معدة للبث، ووجدت خرائط عسكرية بالغة السرية لأحشاء الجيش المصري وشرايينه، تضم مواقع القواعد الجوية والممرات والرادارات والصواريخ ومرابص الدفاعات الهامة.

وفي سرية تامة . . قدم سريعاً للمحاكمة العسكرية التي أدانته بالإعدام رمياً بالرصاص.. واستولى عليه ندم شديد عندما أخبروه بأنه تسبب في مقتل العديد من العسكريين من زملائه من جراء الغارات الاسرائيلية. وأخذوه في جولة ليرى بعينه نتائج تجسسه. فأبدى استعداده مرات عديدة لأن يقوم بأي عمل يأمرونه به.

ووجدوا – بعد دراسة الأمر بعناية – أن يستفيدوا من المركز الكبير والثقة الكاملة التي يضعها الاسرائيليون في هذا الثنائي. وذلك بأن يستمر في نشاطه كالمعتاد خاصة والفتاة لم تعلم بعد بأمر القبض عليه والحكم بإعدامه.

وفي خطة بارعة من مخابراتنا الحربية، أخذوه الى فيلا محاطة بحراسة مشددة، وبداخلها نخبة من أذكى وألمع رجال المخابرات المصرية تتولى "إدارة" الجاسوس وتوجيهه، وإرسال الرسائل بواسطة جهاز اللاسلكي الذي أحضرته له الفتاة ودربته عليه. وكانت المعلومات التي ترسل هي بالطبع من صنع المخابرات الحربية، وتم توظيفها بدقة متناهية في تحقيق المخطط للخداع، حيث كانت حرب أكتوبر قد اقتربت، وهذه هي إحدى العمليات الرئيسية للخداع التي ستترتب عليها أمور استراتيجية مهمة بعد ذلك.

لقد كان من الضروري الإبقاء على هبة في باريس والتعامل معها بواسطة الضابط العاشق، واستمر الاتصال معها بعد القبض عليه لمدة شهرين، ولما استشعرت القيادة العامة أن الأمر أخذ كفايته.. وأن القيادة الإسرائيلية قد وثقت بخطة الخداع المصرية وابتلعت الطعم، تقرر استدراج الفتاة الى القاهرة بهدوء.. لكي لا تهرب الى إسرائيل إذا ما اكتشف أمر خطيبها المعتقل.[/align]

بعيـ النظرة ـد ..:: عضو مميز ::..

البطل 4: عساف ياجوري
لطمة قوية للموساد
منذ فترة طويلة لم نفرح.. منذ فترة طويلة والاصفار تنهش رجولتنا.. تهزمنا.. تخضعنا لحاضر أسود.. تلعق دماءنا المحترقة بمشاهد دامية للقتل الوحشي الذي يمارسه القتلة في بغداد والقدس..
المحتلون.. يمرحون.. يستبيحون الحاضر ويطمسون الماضي.. ويخنقون المستقبل.
تعالوا.. نفرح.. تعالوا نقول لهذه الدمي الورقية المنتفخة بلا معني: إننا هزمناكم.. ونهزمكم إذا أردنا..
فمع بدايات العام 2005 وبعد اكثر من ثلاثين عاما من الكتمان تخرج إلينا إحدي قصص البطولة والكبرياء.. تطوق أعناقنا بنسمات العزة.. قصة جديدة تضاف إلي رصيد رجال احترفوا الصمت الصاخب بالانجاز...
ذكرونا بقصص جميلة ظللنا ونحن صغارا وحتي مرحلة الشباب نشعر بالفخر عندما تتردد قصص 'رأفت الهجان.. جمعة الشوان.. تدمير الحفار'.. الكثير.. والكثير من البطولات التي تشرق صفحاتها في وجوهنا.. نغترف منها نورا يلهم أرواحنا الكسيرة ويلهب ظهور الاعداء..
الكلمات تتهادي في زهو.. تستلقي علي جسر الذكريات.. تنطلق فجأة لتقول.. إن من اعتبرته إسرائيل بطلا قوميا بعد خروجه من الأسر عام ..1973 نجحت المخابرات المصرية منذ الساعات الأولي لسقوطه في الأسر في تجنيده. وتم اطلاق اسم (عبر الاثير) علي هذه العملية.
العقيد عساف ياجوري الذي كان ملء السمع والبصر.. والذي سقط بعد أن دمر دبابته الأسد (محمد محمود المصري) بصواريخ فهد.
سقط عساف.. التقطته المخابرات المصرية ليصبح أحد عملائها.. بعد أن عاد إلي إسرائيل ليكون أسطورة قومية.
ظل ياجوري يروي الكثير من القصص عن التعذيب الذي تعرض له في الأسر وصموده وامتناعه عن الادلاء بأية معلومات عسكرية.. وقام بكتابة قصته في كتاب كان الأشهر في إسرائيل وحصل علي رتبة عقيد بسبب ذلك.
خرج ياجوري من الخدمة ليلتحق بالعمل السياسي فانضم إلي حزب الجنرالات الجديد (داش).
وفي غمار عمله السياسي نجح ياجوري في دعم هذا الحزب ولأول مرة تنقلب الموازين بسبب نشاطه ليحكم الليكود.. وينهزم حزب العمل ويصبح بيجين أول زعيم ليكودي يفوز برئاسة الوزراء في إسرائيل.. وانتخب ياجوري عضوا بالكنيست ويصبح نائب وزير.. ثم تحول إلي عالم رجال الأعمال.. كل هذا وهو يعمل لصالح المخابرات المصرية.. بينما رجال الموساد يغطون في سباتهم..
الروايات التي تتناقلها المصادر الإسرائيلية تؤكد أن ياجوري قد بدأ في الاعتراف أمام المخابرات المصرية منذ اللحظة الأولي لسقوطه في الأسر وبعد 6 ساعات من التحقيق معه في مكاتب المخابرات في القاهرة نقل إلي غرفة حيث أمضي فترة أسره..
وتضيف هذه المصادر أيضا أن ياجوري كان يتاح له التجوال في شوارع القاهرة وأسواقها بين التحقيق والآخر.. وقد أفشي الكثير من الأسرار العسكرية أمام المحققين وحاول أن يقوم بدور في اقامة اتصالات سرية بين مصر وإسرائيل ولم يتمكن خلال ذلك من اخفاء مشاعره الايجابية تجاه مصر.
هذا ملخص لقصة طويلة.. تجب حكايتها.. فربما تفيد شبابا تخنقه دوامة سيقان عرايا الفضائيات ومثيري الخيول.. ودعاة الشذوذ والانحلال..
ياجوري قصة انتصار.. ياجوري قصة نجاح جديدة تضاف لسجل المخابرات المصرية الذهبي.
الذاكرة ربما تنتعش إذا عادت للوراء لأكثر من ثلاثين عاما كانت الأجواء المحيطة بالعقيد عساف ياجوري توحي بأن هناك شيئا في رحم الأحداث قد يولد، فجأة قواتنا المسلحة تتقدم عبر قناة السويس. تطوق خط بارليف.. حصونه تتساقط وكأنها أوراق خائرة القوي في شجرة تتلاعب بها رياح ساخنة..
كان يوم 8 أكتوبر 1973 يفتتح دفاتره وقد أرهقته عملية تسجيل انتصارات الجنود المصريين التي كانت بشائرها ترسم الفرحة علي مدينة القنطرة التي قاربت علي الفكاك من أسر القوات الإسرائيلية علي يد الفرقة 8 التابعة للجيش الثاني الميداني. وبينما كان الجانب الإسرائيلي يحاول تضليل الرأي العام في تل أبيب كانت قواتنا تتلاعب بالدمي المنتفخة سواء في سلاح الطيران أو المدرعات أو المشاة للعدو.
وبينما كانت الفرقة 19 التابعة للجيش الثالث الميداني تسيطر علي منطقة عيون موسي كان الفشل يلسع ظهور الصهاينة وهم يتراجعون في ثلاث محاولات فاشلة.
كانت الدمية القبيحة المنتفخة قد أعطت تعليماتها للعقيد عساف ياجوري قائد اللواء (نيتكا 190 مدرع) بالقيام بنزهة خلوية لأسر قائد الجيش الثاني الميداني المصري العقيد حسن أبو سعدة وتسليمه إلي تل أبيب حيا.. ليستقبلوه بأكاليل الغار.. كان ياجوري يلم بهذه اللحظة. المشهد لا يغادر ذاكرته.. تحرك مع قواته بأوامر من قيادته إلي الشرق للاستيلاء علي كوبري الفردان الذي خسروه في بداية المعارك.
في الساعة الثانية والنصف بعد ظهر الثامن من أكتوبر بدأت دبابات ومصفحات اللواء 190 مدرع بالانطلاق بأقصي سرعة لإحداث الارتباك في صفوف القوات المصرية وكان ياجوري يقول (أنا أعلم جيدا طبيعة هؤلاء المصريين وضعف تماسكهم وانهيارهم السريع).
وظل ياجوري يتقدم، تنتفخ عروقه بأوهام وغطرسة ظلت القيادات الصهيونية تحقنهم بها لسنوات.
تقدم في مساحة تزيد علي ثلاثة كيلو مترات وكما كان يظن فإن فرقة المشاة التي كانت تواجه ياجوري ستصبح صيدا سهلا.. اخترق اللواء 190 مدرع النطاق المحدد ولم يجد مقاومة تذكر.. فتح ياجوري اللاسلكي للاتصال بالجنرال/آدان.. وعندما سأله عن موقف لوائه ضحك.. ضحكة ساخرة قائلا (إن كل شيء علي ما يرام ودباباتي تدوس الجنود المصريين الذين أربكهم الهجوم).
لم يكد ياجوري ينهي اتصاله بقائده.. وبينما وصلت الدبابات الثلاث الأولي إلي مقربة من شاطئ القناة حتي انقلبت الدنيا رأسا علي عقب.
فقد اكتشف ياجوري أنه وقع هو وبقية اللواء في كمين محكم نصبه له رجال الفرقة الثانية مشاة وفجأة تحولت الدنيا حوله إلي قطعة من جهنم.. لتخرج لنا المعارك قصص الأبطال أشبه برجال الأساطير.
وفي هذه اللحظة ينقض علي ذاكرتنا (محمد إبراهيم المصري) الشرقاوي الذي جسد.. (المصري) بكل ما تحمله الكلمة من معني.. فقد دمر 27 دبابة ب 30 صاروخا.. ليحتل المستوي الأول علي مستوي العالم.
كان المصري ضمن 6 مجموعات.. كل مجموعة مكونة من ثلاث مقاتلين.. اثنان لحمل الصواريخ والثالث مخصص لحمل صندوق التحكم الآلي المزود بجهاز منظار بثقب واحد وذلك لمسح منطقة النيران ومسرح العمليات لمساحة 3 كيلو مترات.. وكانت المهمة قطع الطريق علي الدبابات الإسرائيلية وعمل كمائن مموهة وسط العدو وفي جميع الاتجاهات.
وبدأ المصري رحلة الصيد.. والدبابات الإسرائيلية تحترق وتنفجر مع كل صاروخ يطلقه المصري.. كانت الآليات الإسرائيلية تترنح وكأنها عجوز لعبت برأسه سكرات الموت.. خمس دبابات في لحظات وخلال نصف ساعة كان هناك 30 دبابة قد تم تدميرها.. ولم يكن أمام عساف ياجوري سوي القفز من دبابة القيادة ومعه طاقمها للاختفاء في إحدي الحفر لعدة دقائق.. واخطر الجنرال إبراهام آدان قائد الفرقة المدرعة لإيقاف الهجوم والانسحاب شرقا.
بينما كان ياجوري صيدا سهلا.. للأسود المصريين وضع يده في استسلام.. صاح بأعلي صوته وهو يري الموت يطبق علي رقبته.. (أنا جنرال.. لا تقتلوني.. أريد مقابلة قائدكم).. سار عساف ودموعه تنهش غطرسته وصلفه وكل العرائس الورقية الصهيونية التي تساقطت علي أرض الميدان.
وبعد ذلك تم نقل عساف إلي مقر قيادة الفرقة التي كان مكلفا بتدميرها وأسر قائدها (حسن أبو سعدة).
يقول ياجوري (قلت لقائد الفرقة.. إنني أملك في الحياة المدنية فندقا في تل أبيب.. وشرحت له كيف كانت خطته محكمة وكيف أن الجنود المصريين يقفزون علي دباباتنا دون أن يبالوا بأي شيء حتي ولو كان الموت).
وفي مقال نشرته صحيفة معاريف في 7 فبراير 1975 قال ياجوري(بعد انتهاء التسجيل الذي أجراه التليفزيون المصري معي.. قادوني إلي مقر الأسر وقد نظموا لي طوال فترة وجودي عدة رحلات إلي الأهرام وفندق هيلتون.. كما التقيت بعدد من اليهود الذين لا يزالون يعيشون في مصر بناء علي طلبي).
ما تم الكشف عنه.. ربما يخرجنا من الحالة الصفرية إلي الفعل.. ربما يأخذ بيد المحبطين إلي الأمل.. أمل في الانتصار.. أمل في هزيمة اليأس والكويز والتطبيع

بعيـ النظرة ـد ..:: عضو مميز ::..

[align=center]البطل :5 جمعة الشوان

http://www.youtube.com/watch?v=psPYmJkNj5g
جمعة الشوان هاجر الى القاهرة مثل الكثير من ابناء السويس بعد حرب 1976 مفعما بغضب لا حدود له وفى محاولة للبحث عن عمل فى ظل الظروف الجديدة فقام بالسفر الى اليونان وهناك كان بانتظاره رجال الموساد الاسرائيلى فى محاولة لتجنيده فعرضوا عليه الامر مع وعود باموال كثيرة فقام بمجاراتهم حتى اخبر المخابرات العامة المصرية ليقوم بواحدة من اشهر عمليات الخداع المخابراتية فقام بمد الموساد الاسرائيلى بمعلومات خاطئة من عام 1967 حتى قيام حرب اكتوبر المجيدة كما توج هذا العمل بحصوله على جهاز ارسال من المخابرات الاسرائيلية فائق التقدم ليهديه للمخابرات المصرية كمكأفاة انهاء خدمة
وبعد كل هذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟

يعيش الجاسوس المصري الشهير جمعة الشوان حالة نفسية سيئة بسبب تدهور ظروفه المعيشية والصحية، وحصوله مؤخرا على موافقة من الضمان الاجتماعي بصرف 70 جنيها معاشا شهريا له (حوالي 12 دولارا تقريبا) بعد أن وجه للرئيس حسني مبارك رسالة يشكو فيها أحواله الصعبة رغم الخدمات الجليلة التي قدمها لمصر.

وكان الشوان قد استطاع خداع المخابرات الاسرائيلية "الموساد" لمدة 11 عاما ذهب خلالها إلى اسرائيل مرات عديدة حيث تعامل مباشرة مع كبار المسئولين في الموساد في ذلك الوقت وفي مقدمتهم شيمون بيريز الذي أصبح رئيسا الحكومة فيما بعد، وتسلم منه جهاز ارسال نادر، سلمه بدوره للمخابرات المصرية. وقدم معلومات خطيرة من قلب الموساد في اسرائيل، كان لها دور كبير في الانتصارات التي حققتها القوات المصرية في حرب اكتوبر 1973.

الجاسوس المصري الشهير جمعة الشوان

وبالاضافة إلى بيريز، كوّن الشوان علاقات صداقة مع كبار رجالات اسرائيل مثل عيزرا وايزمان وديفيد اليعازر، كما كان يتعامل مباشرة في مصر مع كبار المسؤولين عن مخابراتها في ذلك الوقت مثل المشير أحمد اسماعيل والمشير كمال حسن علي، والتقى بكل من الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس أنور السادات.

ومع أن جمعة الشوان واسمه الحقيقي أحمد الهوان، حصل على مئات الآلاف من الدولارات من الموساد الاسرائيلي نظير خدماته التي كان يقوم بها تحت اشراف المخابرات المصرية وعلمها، وافتتاحه قبل حرب اكتوبر سلسلة محلات للمواد الغذائية بتمويل من الموساد أيضا، إلا أنه يعيش حاليا وحيدا في شقة متواضعة، هي نفسها التي كانت مركزا لعمليات التجسس التي كان يقوم بها.

اشترى هذه الشقة بجزء من أول دفعة مالية يحصل عليها من الموساد، وكانت 180 ألف دولار، مع سيارة مستعملة حسب تعليماتهم، باعها فيما بعد عقب اعتزاله الجاسوسية ليتعيش من ثمنها القليل.

حياة تحت خط الفقر

حياته الحالية متواضعة كثيرا، يصفها بأنها تحت خط الفقر، فهو لا يقوى على السير بسبب كسر في ساقه، ومتاعب شديدة في النظر يحتاج معها إلى تغيير قرنية العين، ولم تفلح الرسائل الكثيرة التي بعثها لكبار المسؤولين بدءا من رئاسة الجمهورية في لفت النظر إليه.

يعيش حاليا وحيدا في شقة متواضعة

ينتابه مزيح من الاحساس بالغبن الواقع عليه من الجميع، والتنكر لتاريخه، فسيرته الذاتية على حد قوله كانت أول عمل درامي من سجلات المخابرات المصرية، وذلك من خلال مسلسل "دموع في عيون وقحة" حيث جسد دوره الفنان المصري الأول عادل إمام وكان سببا في شهرة طاغية له.

يقول الشوان: "تقابلنا كثيرا خلال 6 شهور عام 1978 لألقنه أسرار الجاسوسية وأساليب الموساد. وقبلها جلس معي أكثر من ثلاثين مرة ليقنعني بأن أوافق على أن يقوم هو بالدور، ومع هذا تجاهلني عندما تقابلنا بعد ذلك بسنوات". ويضيف: "عندما ذكرته بنفسي رد بعدم اكتراث: أنا الذي صنعت اسمك وشهرتك".

وأرجع الشوان ذلك لشئ يختزنه عادل إمام في نفسه من ناحيته: "لا يريد أن ينسى أنني لم اكن متحمسا ليقوم بدوري. ليس بيني وبينه أية مشاكل سابقة، لكنني كنت أرى أن أيا من الفنانين الراحلين محمود مرسي وفريد شوقي الأقرب لأسلوبي ولتفاصيل شخصيتي".

ويوضح جمعة الشوان أنها كانت وجهة نظر أخبر بها كاتب السيناريو الصحفي المصري الراحل صالح مرسي والمخرج الراحل يحيي العلمي، لكنهما كان يريدان عادل امام، وكان هو يقاتل من أجل أن يفوز بالدور، ولم يكن حينها بمثل شهرته الطاغية فيما بعد.

ويرى الشوان أن إمام كان مبهرا في المسلسل، لكن هناك عوامل كثيرة جعلت مسلسل "رأفت الهجان" الجاسوس المصري الآخر في اسرائيل، والذي عرض بعد ذلك، يتفوق على "دموع في عيون وقحة" أولها أن الأخير لم ينفق عليه جيدا، وتم تصوير جميع مشاهده في الاستديوهات، و لم يكن مسموحا ان يتضمن كل التفاصيل الحقيقية وكل ما قدمه 7% فقط، لأن الوقت من اعتزاله الجاسوسية وبدء تصوير المسلسل لم يكن يزيد عن العامين، بينما تنص القوانين على ضرورة مرور 25 عاما للافراج عن كافة الأسرار المتعلقة بالموضوع.

ويضيف: "ظروف تصوير مسلسل رأفت الهجان كانت أفضل، وعرضه التليفزيون على أجزاء مما أعطاه شعبية كبيرة واستمرارية، كما أن تقنية التصوير وامكانيات الدراما التليفزيونية كانت قد وصلت إلى ما هو أعلى بكثير مما كانت عليه الأحوال أثناء تصوير "دموع في عيون وقحة".

http://www.youtube.com/watch?v=XKno5...eature=related[/align]

[gdwl]سيتبع بقصص حقيقية لأبطال آخرين ، وبعدها سنكتشف معا اساليب العدو الإسرائيلي على الأنترنت لإستقطاب الشباب العربي ومحاولة تجنيدهم ضد أوطانهم .[/gdwl].

بعيـ النظرة ـد ..:: عضو مميز ::..

[align=center]البطلة 6 : ليلى عبد السلام
بطلة حرب الجواسيس

"السياسي" تحاور ليلى عبد السلام البطلة الحقيقية لمسلسل "حرب الجواسيس"
سعاد سليمان


فجر النجاح الذي حققه مسلسل "حرب الجواسيس"، الذي يذاع حالياً على العديد من القنوات الفضائية المصرية والعربية، الاهتمام بمعرفة الأبطال الحقيقيين لقصة المسلسل، ومن شدة روعة بناء الشخصيات وجاذبيتها بدأ الناس في الشارع يتساءلون: من هي الشخصية الحقيقية للصحفية المصرية سامية فهمي ؟ وكانت المفاجأة أن الشخصية الحقيقية تعيش بيننا ونراها مئات المرات يومياً، ولكن لا نلتفت إليها كثيراً، وعن نفسي فقد رأيتها مئات المرات في نقابة الصحفيين بالقاهرة، وربما تجاهلتها، أو ألقيت عليها سلاماً عابراً في أروقة النقابة، ولكن النظرة إليها والسلام يختلفان بمجرد معرفة أن الصحفية المخضرمة في جريدة "الأحرار" ليلى عبد السلام، والتي تقاتل منذ عدة سنوات وتخوض معارك قضائية عديدة على رئاسة حزب الأحرار، هي بطلة مسلسل "حرب الجواسيس" أو بالأحرى بطلة عملية القبض على أحد أهم الجواسيس، التي كانت عملية اصطياده أشبه بالمستحيل.
النظرة إليها الآن تختلف تماماً، ولا يبقى من الشعور نحوها سوى الإعجاب والامتنان، وفي هذا الحوار الخاص مع "السياسي" تحكي الصحفية ليلى عبد السلام، الشهيرة بسامية فهمي، القصة الحقيقية للعملية المخابراتية التي قامت بها في الواقع، والفرق بين قصتها الحقيقية، وبين تفاصيل المسلسل الدرامي، كما نتعرف على شخصية ليلى، وهمومها ورأيها في المسلسل والتكريم الذي بدأت تحظى به بعد عرض المسلسل.

من هي ليلى عبد السلام ؟

مواطنة مصرية تعشق تراب الوطن، وصلت من العمر إلى حوالي سبعين عاماً، تخرجت في جامعة القاهرة عام 1966 كلية الآداب قسم فلسفة وعلم النفس، بدأت العمل في الصحافة فور تخرجي في مؤسسة دار الهلال أولاً، ثم الأهرام، ومؤخرا بجريدة الأحرار، الحالة الاجتماعية آنسة ولم أتزوج من قبل أو بعد.

ولماذا لم تتزوجي حتى الآن ؟

القسمة والنصيب أولاً، وثانياً أنا "مرتاحة كده"، وأعتقد أن هذا أفضل.

ولكن في المسلسل كانت هناك علاقة عاطفية بين سامية فهمي والجاسوس نبيل، والمفروض أن المسلسل مأخوذ من قصتك فكيف جاءت هذه المفارقة ؟

مبدئياً، لا بد أن نفرق بين العمل الدرامي والواقع، فصناع المسلسل قدموا عملاً فنياً به كل "التحابيش" الدرامية التي تجعله جذاباً، والحقيقة نجحوا في ذلك تماماً، أما الحقيقة التي عشتها فقد كانت بالتأكيد مختلفة، فشخصية ماريو، الجاسوس الحقيقي وهذا اسم شهرته، اسمه الحقيقي على ما أذكر كان مجدي إبراهيم، وكانت مهمته صيد الجواسيس وتجنيدهم للعمل مع الموساد، وكان رجلاً كبيراً في السن يبلغ خمسين عاماً، وأنا كنت صغيرة جداً، ولم يمض على عملي كصحفية أكثر من عام، وقابلته صدفة في إيطاليا، ولم تكن بيننا أية علاقة عاطفية، والحقيقة أن الرجل كان مهذباً في التعامل، فلم يحاول إغوائي جنسياً أو عاطفياً، بل تعامل بمنتهى الجدية والعملية والأدب.

إذن كيف بدأت القصة الحقيقية ؟

قبل أن أحكي كيف بدأت القصة الحقيقية، أؤكد أني سعيدة بالمسلسل ولم تغضبني التفاصيل، فهذا عمل فني، وباعتباري صحفية فإن الحكم على العمل الفني يكون من خلال عناصره الفنية، وليس بمدى قربه أو بعده عن الواقع، أما القصة الحقيقية فقد بدأت عندما أردت شراء "سيارة" ملاكي، وكانت في حينها الأسعار رخيصة جداً في إيطاليا، تقريباً بنصف الثمن الذي تباع فيه بمصر، فاستأذنت والدي في السفر، فوافق وكنا مجموعة من المصريين وسافرنا.

عفواً، وهل وافق والدك على السفر بسهولة وبساطة، خاصة أن مصر في هذه الفترة في حالة حرب ؟

نعم، فأبي كان يعمل وكيل وزارة التعليم بالقاهرة، وقد علمني الاعتماد على نفسي والجرأة، كما كنت ضمن مجموعة من الأصدقاء والأقارب يعرفهم أبي جيداً، المهم بعدما سافرت وجدت شيئاً غريباً يحدث في إيطاليا، هو أن معظم البائعين يفرشون بضائعهم في الشارع منذ الصباح، ثم يغلقون مساءً، وبعد وصولي قررت الخروج والفرجة على البلد، ولكن لم يكن معي عنوان الفندق، وكنت "معلمة" الشارع، الذي به الفندق، بالبضائع المفروشة فيه، فتهت وظللت أبكي وأسأل الناس بالإنجليزية، فأنا لا أعرف التحدث بالإيطالية، وفجأة ظهر شخص ودود جداً وتحدث معي بالإنجليزية، وبطريقة ما تعارفنا، واكتشفنا أن كلينا مصري، وهو كان من الأسكندرية، ويبدو لأول وهلة رجلاً وقوراً، وساعدني في العثور على الفندق، وفي اليوم الثاني دعاني على الغداء، وجلسنا على "ترابيزة" أمام جهاز التكييف، الذي كان موجهاً نحوي بشكل مزعج، وكان شديد البرودة، وبالقرب منا جلس شخصان أجنبيان على طاولة أخرى، وبلا مناسبة عرضا علينا الجلوس معهما، وقبل ماريو فوراً، وتبعته باعتباري ضيفته، واكتشفت فيما بعد أن هذه الحركة مقصودة، وعرض عليَّ مساعدتي في شراء "السيارة" وبالفعل أخذني لمعرض سيارات و"اتفرجت" على عدة سيارات، ثم تكررت اللقاءات ولفت نظري أن ماريو، والذي من المفترض أنه لا يعرف الشخصين الأجنبيين كانت علاقته بهما تبدو وطيدة، ولا أعرف لماذا شككت في الموضوع، خاصة بعدما تحدث معي ماريو في العمل في وكالة صحفية، وطلب مني عدة موضوعات صحفية غريبة، ويفهم منها للوهلة الأولى أنها معلومات عسكرية تمس عمق البلد، وتكشف تفاصيل الأسرار العسكرية والاقتصادية لمصر، وعرض عليَّ أموالاً كثيرة، لم أكن أصدق الأرقام المالية التي قدمها لي، وهو ما زاد من ش****.

ولكن كل ما تقولينه لا يثير الشك ؟

الفترة العصيبة التي كنا نعيشها بعد نكسة 1967 جعلتني أتشكك في كل شئ، وعادة اعتمدت على حدسي وعدم الارتياح الشخصي وهذا شعور لا يمكن تجاهله، المهم قلت أقطع الشك باليقين، وذهبت إلى السفارة المصرية، وقابلت السفير الذي سمعني جيداً، وطلب مني مسايرته حتى العودة لمصر، وبمجرد عودتي جاء إلى منزلي ضابط من المخابرات، وعلى ما أتذكر كان اسمه "قدري".

وهل هذا اسمه الحقيقي أم الحركي، وهل هو شخصية السيد عادل في المسلسل ؟

لم أعرف هل هذا اسمه الحقيقي أم لا ولم أهتم، "بس هو كان زي القمر تحسي كده إنه راجل بجد، ومصري بحق وحقيقي، لونه قمحي وطلعته مهيبة، وبصفة عامة ضباط المخابرات كانوا كويسين ومحترمين في التعامل، وقدري ده كان أكثرهم جمالا".

"إيه كل ده، شكلك وقعتي في غرامه"، هل هذه بداية قصة حب ؟

"أبدا والله، أنا باقول الحقيقية وبس ما تكسفنيش"، المهم جاءني البيت واستغرب أهلي جداً، وطمأنت والدي ووالدتي وأخبرتهما كذباً أني أحمل لضابط المخابرات خطاباً من قريب له في إيطاليا، وبعدها بدأت أقابله في مقر المخابرات، وحكيت لهم بالتفصيل كل ما حدث، وأعطوني هم المعلومات والأوراق التي طلبوها، وكانت تحمل معلومات غاية في الخطورة، وطلبت من ماريو الحضور للقاهرة لأسلمه الأوراق، وقابلته في كازينو على كورنيش المنيل، وركب لي ضباط المخابرات أجهزة تسجيل كانت بدائية جداً، وسلمته الأوراق، وكانت المخابرات تراقب بالتأكيد وقبضت عليه في الحال.

وماذا حدث بعد ذلك، وما هو مصير ماريو ؟

حُكم عليه بالسجن لمدة خمسة وعشرين عاماً ومات في السجن.

هل هناك أشخاص آخرون من الموساد تعاملتِ معهم ؟

من بعيد لبعيد، وكانت الأشخاص تتغير باستمرار، وكل تعاملي مع ماريو، وهو كان الوسيط الوحيد بيني وبين الموساد.

وما هو المقابل المادي الذي حصلتِ عليه من الموساد والمخابرات المصرية ؟

لم أحصل على أي مقابل من الموساد، ولم أقبل منهم أي أموال، وكان من الممكن أن أحصل على الملايين من وراء ذلك، ولكني رفضت وأبلغت عنهم فوراً، أما المخابرات المصرية فكل ما حصلت عليه منهم ملاليم لا تكفي لشراء فردتي حذاء.

ألم تحصلي على أي تكريم من قبل الدولة رغم أن قصة بطولتك تم تقديمها من قبل في مسلسل إذاعي في السبعينيات بعنوان الجازية المصرية ؟

إطلاقاً، ولم أسعَ للإعلان عن نفسي، واعتبرت أنني أديت واجبي نحو بلدي وكفى، ورغم أني أُصبت مؤخراً بالمرض الخبيث "السرطان" لكني لم أطلب من الدولة أن تعالجني، والحمد لله أنا أصلا بنت ناس ومستورة من الأول، وثانياً صديقتي الأميرة شامة بنت الشيخ زايد ترعاني ولا تجعلني محتاجة لأحد.

ولكن لماذا تنقلاتك الكثيرة بين الصحف وعدم الاستقرار في صحيفة معينة، خاصة أنك عملت فترة في الاهرام ؟
التعيين كان يحتاج إلى وساطة، وتخيلي لم أكن أملك وساطة تدعمني في جريدة الأهرام، وكانوا "بيشغلوني زي الحمارة" وفي النهاية تثبيتي غير مضمون، وبالتالي بحثت عن جريدة تقبلني كصحفية مجتهدة بعيداً عن الوساطة.

مارأيك في الفنانة منة شلبي التي قامت بتجسيد دورك ؟

رائعة وشاطرة ومقنعة، والمسلسل جميل، وأعاد إليَّ حقي المستلب، وبدأت الصحافة ووسائل الإعلام تهتم بي، وبدأت التكريمات تنهال عليَّ.

لماذا لم يحقق لك المسلسل الإذاعي عن القصة نفسها النجاح الذي حققه المسلسل الحالي .

الإذاعة وسيط مختلف، ولم يكن اهتمام الناس بالدراما كما هو الآن، ولا ننسى جاذبية الصورة المرئية، والحقيقة المخرج شاطر جداً، والمؤلف عبقري، وتم إضافة العديد من البهارات التي جعلت المسلسل يكسر الدنيا.

ماهي المدة التي استغرقتها هذه العملية ؟

شهران قضيتهما في رعب، وكنت عندما أريد أن أكتب شيئاً للمخابرات المصرية، أكتبه في الحمام "وأكون مرعوبة إنهم يكونوا مركبين لي كاميرات".

ولكن ألم يكن هناك شفرات وحبر سري وغموض وتلك التفاصيل التي رأيناها في المسلسل ويتم التعامل معها في عالم الجواسيس ؟

إطلاقاً، خاصة أن إمكانيات المخابرات في ذلك الوقت كانت ضعيفة جداً، ولم تستغرق طويلاً، وعلى فكرة المبادرة كانت مني وأنا قمت بإبلاغ السفارة بمجرد الشك، ولم يجندني أحد، وكان ماريو من أخطر الجواسيس، وكان هو السبب في ضرب بحر البقر وعمليات أخرى لصالح الموساد.

ألم تخافي من تهديد الموساد حينها أو الآن، خاصة بعد عرض المسلسل ؟

إطلاقاً، والحقيقة لم يصلني أي تهديدات لا زمان ولا الآن، كما أن هناك معاهدة صلح بيننا وبين إسرائيل، وكانت المخابرات تحميني، ومنعتني من السفر إلى الخارج فترة طويلة، ولكن بعد ذهاب السادات لإسرائيل كنت أول صحفية يصدر لها تصريح بالسفر إلى إسرائيل ولكني خفت جداً، ونفسياً لم أستطع.

هل كنتِ عضوة في التنظيم الطليعي ؟

لا كنت عضوة في الاتحاد الاشتراكي فقط.

هل كنتٍ موافقة على معاهدة كامب ديفيد أم كنتِ من المعارضين لهذه الاتفاقية ؟

لست ضد السلام مع إسرائيل بشرط أن تلتزم إسرائيل بهذه الاتفاقيات، و"كفاية حروب وخراب"، ونحن نحتاج إلى السلام، فهل من المعقول أن نعيش طوال العمر في حروب

http://www.youtube.com/watch?v=SBoO1Fb49Zc

http://www.youtube.com/watch?v=ThXI7...eature=related


http://www.youtube.com/watch?v=ThXI7...eature=related

[/align]

أغ ـــانيج ..:: كبار الاداريين ::..

توقيع
الحب دعاااااء
فمن يحمل في قلبه حبا لي ...
فليذكرني بدعوه ,,
يعلم الله كم احتاجها :111:
سامحوني على الغياب
ظروفي لا تسمح لي بدخول المنتدى هذه الفتره
وسامحوني ان طاال هذا الغياب ولم اعد

Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2025, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية