العـــــــــــــــــــــــــطــــــــــــــــ ــــــــــــــــــاء
استيقظت على صوت المنبه معلنا السادسة صباحا ,بداية يوم مشرق جديد هذا ما يحث يوميا بالنسبة
إلى زوجها أما بالنسبة لها فهو مجرد إزعاج يومي وشبه روتيني ,فلقد آوت إلى الفراش بعد سهر
طويل امتد إلى بزوغ الفجر ,أقفلت صوت المنبه وعادت مره أخرى إلى النوم ,فلقد كانت في سهره
طويلة مع الشلة تشمل جميع أنواع التسلية وقضاء الوقت بمرح وسعادة هذا هو المفروض ولكنها لا
تشعر بأي سعادة,وذلك بسبب عدم وجود زوجها معها ,أنها تشعر بملل فظيع وتحاول أن تعيش حياتها
بالطول والعرض ولكن تشعر بفراغ .هذا الفراغ ناتج عن انشغال زوجها المتواصل في العيادة ,فزوجها
لا تعرف عنه غير انه طبيب مشهور وناجح ,صحيح انه لا يبخل عليها بأي شيء ,ومستواه المادي
القوى وضعه بين يدها تتصرف بيه كيفما شاءت ,لديها فيلتها الحديثة ,سيارتها الحديثة التي تقوم
بتغيرها كل فتره,كل شيء متوفر لها كأي امرأة تتمنى أن تعيش في أعلى مستويات الحياة المادية أما
العاطفية فحدث ولا حرج فهو لا يعرف احد غيرها يحبها حبا شديدا مخلص لأبعد حدود ,هو نموذج
للرجل العصري الذي تفخر بيه كل أنثى فعلا هو نهر العطاء بل هو العطاء ذاته في عين كل امرأة ومع
ذلك فهي تفكر بالطلاق منه هذه الفكرة راودتها أكثر من مره واليوم صممت أن تضع حدا ,أسباب الطلاق
بالنسبة لها منطقيه جدا فكونه انه زوج مثالي لا يعنى بالضرورة أن تظل مرتبطة بيه ,فالزواج ليس
مثالي لأنها تشعر بوحدة كبيره وانشغاله عنها خاصة أوقات الليل يكون في عيادته وعملياته الجراحية
ومرضاه يجعلها حزينة جدا ولقد صبرت كثيرا انتظارا ليتبدل الوضع ولكنه يزداد سواء .فهو من نجاح
إلى نجاح ومن تقدم إلى تقدم اقوي ومن شهره إلى شهره اكبر وبالتالي مرضى كثيرة وعمليات أكثر
وانشغال متواصل .
في العصر استيقظت نهضت من الفراش متوترة مترددة وعيونها شاردة كمن يفكر في شيء خطير على
وشك أن ينفذه,بالفعل هي على وشك أن تنفذ فكرتها الآن ,استعدت للخروج وركبت سيارتها متجه إلى
مقر عمل زوجها الطبيب ,وصلت العيادة التي كانت أشبه بمستشفى فخم حديث مجهز بأقوى التجهيزات
الطبية .لاحظت وجود اهالى المرضى في البهو الأنيق ,اتجهت إلى الاستقبال وسالت عن زوجها ,بكل
احترام وتقدير أجابتها موظفه الاستقبال أن زوجها الطبيب مشغول في عمليه ,لم تتهاون وردت أنها
تريد أن تقابل زوجها الآن ولكن الموظفة أخبرتها أن زوجها الطبيب مشغول في عمليه خطيرة جدا
لشاب مريض بالقلب وان الشاب هذا وحيد أمه الفقيرة وان زوجها الطبيب يقوم بهذه العملية منذ أمس
ليلا وبدون اجر رأفة بالشاب وأمه المسكينة ,نزلت هذه الكلمات بوّقّع غريب وقوى على قلب الزوجة
وكلما استمعت لكلام الموظفة وهى تحكى عن نبل وأخلاق زوجها الطبيب تشعر بشيء يتبدل بداخلها
خاصة عندما قالت الموظفة عن زوجها انه هديه من الله على الأرض للغلابة والمساكين والمحتاجين
قبل الأغنياء ,فلقد وضع الله في يده الشفاء لجميع الحالات الحرجة الميئوس من شفائها فأعاد الحياة
لكثير من الأشخاص وأنقذ عائلات كثيرة من فقدان هذه الأشخاص العزيزة على قلوبهم وأعاد البسمة
والأمل إلى أطفال وأمهات كثيرة كادت أن تصبح يتامى وأرامل و أن تفقد الأب أو الزوج أو الولد
نظرت إلى الموظفة وفى نبره استحسان وعطف طلبت منها أن تدلها على طريقه ترى زوجها الطبيب
في غرفه العمليات دون أن يرها .فقالت لها الموظفة عليها أن تتجه إلى قاعه الطلاب التي يتعلمون
منها على يد زوجها الطبيب هذه القاعة موجودة أعلى غرفه العمليات ,توجهت مسرعه إلى القاعة
واقتربت من اللوح الزجاجي الذي يفصل بين القاعة وغرفه العمليات لتجد زوجها أشبه بقائد عسكري
في معركة حربيه ضد الموت وتحت يديه أكثر من طبيب وممرضه يتحركون في شعله نشاط
وحيوية ,وجدت نظام وترتيب وتماسك في الأعصاب خاصة زوجها الذي يدير كل شيء بنظره
عين ,فبمجرد نظره منه إلى طبيب أو ممرضه يفهم أو تفهم ما يريد وينفذ الأمر بكل انسيابية ,تعجبت
كثيرا من هذا المنظر وأحست بقوه شخصيه زوجها وكم هو قوى خاصة و انه يتحدى الموت في هذه
الحالة فهو يريد لهذا الشاب أن يستعيد شفائه لأجل شبابه وأمه المسكينة
مر الوقت دون أن تدرى ,لا تشعر بالوقت فهي تراقب زوجها في معركته التي انتهت وقد خرج منها
فائزا شعرت بهذا الفوز عندما وجدت كل من حول زوجها الطبيب يهنئونه ويشدون على يديه بالنصر
والنجاح لم تتمالك نفسها ,دمعت عيناها بل بكت ,بكت بشده لجمال ما صنعت يد زوجها من إنقاذ روح
شاب مسكينة من المرض,لمست بعينيها حقيقة وأهميه وجود زوجها في الحياة ,تنظر إليه وتجد كميه
التعب المتراكم على جبينه ولكنه لا يعر له أهميه ,فإنقاذ الشاب كان عنده أهم من اى راحة ,كم أنت
جميل يا زوجي الحبيب ,كم أنت ملهم للعطاء والنجاح ,كم أنا فخوره بك وأسفه كل الأسف على ما بدّر
منى تجاهك ,لا لن اطلب الطلاق فانا أسفه،فانا التافهة والحقيرة بجوارك وليس لي معنى ولا وجود،بل
اسمح لي أكون خادمه لديك ,إنا خادمتك ومعشوقتك ومطيعة أوامرك إلى أخر لحظه في عمري إلى أخر
نفس من انفاسى إلى أخر نبض في قلبي ,فأنت الآن علمتني معنى الحياة ,علمتني معنى اللذة في العطاء
ولما لا فأنت العطاء يا حبيبي ويا زوجي الغالي ،كانت هذه الكلمات تنطقها عيناها من خلف اللوح
الزجاجي وعينيها في عين زوجها الذي كان مبتسما لها لوجودها المفاجئ والذي أسعده جدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ تمت ـــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
هذه مشاركتى فى الموضوع عسى ان تنال اعجابكم
تقبلوا تحياتى