قرأت ذات يوم قصة حقيقية تحكى عن معلمة كانت تجرى لعبة مع تلاميذها تدعى "بطاقات الحب" ... قالت لهم : أريد من كل واحد منكم ان يكتب ثلاثة بطاقات مكتوب عليها " أحبك وكم كنت فارقا فى حياتى" .... وان يهديها الى شخص تشعر انه عزيز عليك ويمثل اهمية كبيرة لك بشرط ان تخبره ان يهدى البطاقاتان الباقيتان الى شخصا اخر عزيز عليه وان يخبر هذا الشخص ان يهدى الكارت الثالث للشخص الثالث.


بدأ التلاميذ ينفذون المهمة... ففكر أحدهم ان يهدى تلك البطاقات الى أخيه والذى كان موظفا فى أحدى الشركات ... أخذها الموظف وتأثر كثيرا بها وفكر فى أن يهدى باقى البطاقات لرئيسه فى العمل فهو يحترمه ويقدره كثيرا .. وبالفعل ذهب اليه وعلق بطاقة على صدره واعطاه الاخرى فى يده وقال : لا أدرى ماذا أقول يا سيدى وربما تجدنى غريبا لكننى أردت أن اخبرك اننى أحبك وأحترمك كثيرا .. وكل ما اطلبه منك ان تهدى تلك البطاقة لأحب أنسان لديك


فؤجى المدير الصارم لهذه البادرة وتأثر لها كثيرا ... لم يحدث ان قال او فعل أحدا معه هذا من قبل ... أمضى باقى يومه يفكر فيمن سوف يهديه تلك الكلمات القصيرة جدا فى كتابتها الكبيرة جدا فى معناها ... فيمن أعز أنسان لديه ... ثم وجد صورة أبنه تطفو على ذاكرته ... كم يحبه ...ربما يقسو عليه كثيرا ... ربما لم يقل له فى ذات يوم من الأيام كم هو غالى عليه ... لكن بالتأكيد هو يعلم ذلك ... بالتأكيد هو لا يحتاج الى ان يسمعها كى يعرف مدى صدقها.



عندما توجه الى منزله ... اخذ يتردد كثيرا ... أأفعل ذلك أم لا ... ماذا سيقول ابنى عنى ... قد يسخر منى ... لكن لا ... لن تنهدم الدنيا لو أخبرته كم أحبه .... صعد الغرفة .... طرق بابها .. سمع صوت ابنه يدعوه للدخول ... غرفة مقلوبة راسا على عقب ... صور فنانين ومغنين الجاز فى كل مكان ... صوت موسيقى تصم الأذان وشاب مستلقى على ظهره لا يبدو ان هناك ما يعنيه فى تلك الحياة ...جلس بجانبه ...

" ما الأمر يا أبى ... ليس بعادة ان تدخل تلك الغرفة "


" حسنا تونى ... أعرف ان ما سأقوله قد يبدو لك سخيفا للغاية ... لكن اليوم حدث شيئا عجيبا للغاية ... اليوم اتى موظفا عندى واهدانى بطاقتان مكتوب عليها " أحبك " واخبرنى ان أهدى البطاقة الثانية الى أعز انسان لدى واكثر من مثل فارقا فى حياتى ... وعندما فكرت ... رغم اننى وانت على خلاف دائم ... رغم ان كثيرا مما تفعله يضايقنى ... لكنك يوم ان اتيت الى وجه الأرض كان أسعد يوم فى حياتى ... ووجودك فى حياتى جعلنى أستطيع أن أتحملها فأنت تمثل لى الكثير وانا احبك للغاية



توقع ضحكة ساخرة ... توقع "ما هذا السخف يا أبى" ... توقع أى شىء ... الا ما حدث امامه الان ... أن يجد ابنه ينهار باكيا ويقول " لا تدرى يا أبى كم تأثرت لهذا الكلام ... أننى كنت دائما بحاجة أليك ولكنى كنت أظن أنك لم تعد تحبنى ولا تريدنى ...كنت أظن أن أسعد يوم فى حياتك عندما أموت وترتاح منى ... أتدرى أنك قبل ان تدخل على الغرفة كنت قد قررت أن أنتحر الليلة ... لكنك أتيت الأن بهذه الكلمات ... أتيت كى تنقذ حياتى !!!!!
ألهذه الدرجة ... لهذه الدرجة ما تصنعه تلك الكلمات البسيطة ... لهذه الدرجة بضعة كلمات وورقة صغيرة قد تعنى حياة جديدة لأنسان ... نعم ... ولكن الأغرب عجزنا عن أن نقولها ... نمضى فى حياتنا وتأخذنا الأيام نقول " بالتأكيد أمى تعلم كم أحبها ... لا تحتاج منى الى ان أخبرها ذلك ... بالتأكيد أبنى يدرى أننى ما أفعل ذلك الا من أجله ... حسنا كيف سيدرك ذلك وهو ما يراك الا منهكما فى عملك او خارج المنزل أو ذاهب لتنام ... نقول لأنفسنا " بالتأكيد يعلمون ... بالتأكيد يفهمون " ... ونحن لا ندرى أنهم " بالتأكيد يعلمون ... أصبحوا يشكون ... باتوا يحزنون " ...
نعم أننا نحتاج كثيرا الى ان نسمع تلك الكلمات ...


نعم فى يوم من الأيام سنشك فى مدى حب من يعنون لنا شيئا ...


أننا نرى صعاب وأوجاع كل يوم ....


ربما تلك الكلمات تكون سببا فى ان يقضى شخصا ما باقى يومه سعيدا بها ...


او ربما تنقذ حياة أنسان بعد ان فقد معنى الحياة ...


فليس أسهل علينا من قولها ...


وتذكر أنها فقط ....

بضعة كلمات ....