السلام عليكم
في تلك الليلة والهاتف يرن و رقمه يظهر أمامي وجدتني مترددة في الرد عليه، لا بل أنظر إلى رقمه وكأنني رافضة أن أكلمهكان قلبي يخاطبني قائلا: ردي إنه حبيبي ألم نكن ننتظرهعلى أحر من الجمر و صوت آخر يرد لا، لا تردي، اتركيه يرن فقد تركك تتصلين لأكثر منأسبوعين دون أن يحرك ساكنا
وضعت المحمول من يدي و قد قررت أن لا أكلمه، و لماذاسأفعل؟؟ ماذا سأقول له؟؟لا، بل ماالذي سيقوله له هو؟؟فهو منذ أن تأكد من مشاعريأصبح يتعامل معي و كأنني جاريته التي لا تملك من أمرها شيئا، نعم لن أرد عليه، هذاقراري
اتصل طول الليل دون توقف، و بداخلي شعورين متناقضين لهفتي إلى التحدث إليهو فرحتي فيه، فليجرب قليلا، ليختبر هذا الشعور الذي جعلني أجربه لأول مرة فيحياتي
في تلك الليلة اكتشفت في نفسي أشياء لم أكن أعرفها من الناحية العاطفية وبدأت أسأل نفسي: هل أنا امرأة انتقامية؟ هل ما أفعله و رغبتي في التحدث إليه نابعةمن حبي له و رغبتي في البقاء معه أم أنني أرفض أن يتركني هو، لست أدري فالأمر لميكن واضحا بالنسبة لي، تركت التفكير في الأمر جانبا و قررت الخلود إلى النوم الذيحرمت منه لأكثر من أسبوعين، و نمت و كأنني لم أنم لسنوات
استيقظت في الصباحمتأخرة لأنني كنت في عطلة أنا و أولادي و قررت أن أعوضهما قليلا عما فاتني معهما وأنا غارقة في أحزاني بسببه فقلت لهما: ما رأيكما لو نسافر لنغير جو؟؟ فرحا كثيرافانطلقنا لنجمع أغراضنا و نسافر إلى مدينة بيروت التي كانا يحبانها كثيرا و أناأيضا لي فيها ذكريات جميلة مع والدهما رحمه الله
كان الهاتف لا يتوقف عن الرنينو كنت أعرف أنه المتصل لأنني وضعت رقمه على أغنيتنا التي تذكرنا ببعضنا"الأماكن" ولم أكن أجيب
انطلقت أنا و أولاي بالسيارة و نحن نغني طول الطريق و كنت لا أتوقفعن التفكير فيه و أتخيل عصبيته و ثورانه، لكني قررت أن أعوض نفسي قليلا و ان لاأنكد على نفسي في هذه العطلة، لا بل كان يجب أن أصفي ذهني فلم يبقى وقت كثير علىموعد مناقشتي لرسالة الماجستير، و قد أجلت هذا الأمر كثيرا و يجب أن أنتهي منه فيأقرب وقت
وصلنا بسلامة الله و دخلنا الأوتيل، صعدنا إلى جناحنا، ثم اتصلت بابنةخالي التي تسكن هناك لأخبرها بقدومي و أولادي ، فرحت كثيرا و جاءت مسرعة إليناما إن رأتني حتى سألتني: ما بك؟؟ قلت لا شيء، ربما تعب السفر و قد كانت أيضابمثابة صديقتي العزيزة و لم تكن ابنة خالي فقط
قالت: كيف لا شيء أنت متغيرة وكأنك فقدت الكثير من الوزن، لا لقد فقدت الكثير من الوزن و وجهك شاحب و عيناكحزينتانأصرت على أن نقيم في بيتها لكنني رفضت، كنت أرغب في البقاء بمفردي معأولادي و أن لا نزعج أحدا ، وعدتها بأنني سأزورها و سنلتقي كلما رغبت في ذلك و لكنيأفضل المبيت في الفندق
كانت معنا طوال الوقت و لم تفارقنا و كانت تحاول أن تعرفسري و لكني لم أستطع التكلم بالأمر معها، لكنها من حين لآخر كانت ترمي بضع كلماتلترى تأثيرها بي فمثلا قالت: أتعرفين بما تذكرني حالتك؟؟؟ قلت: نعم، قالت : تذكرينني بنفسي عندما كنت مغرمة و تركني حبيبي ، هل تذكرين؟ كنت أنت أول من ألجأإليه لأبكي على كتفه و كنت تهوننين علي و تواسينني
قلت و أنا أحاول الإبتسام: طبعا أذكر، و هل هذا شيء ينسى
قالت: أنت مغرمة، لا تنكري
لم أجب و تابعت ماكنت افعله، فتبعتني و هي تضحك و تقول: أقري و اعترفي، من هذا الذي استطاع أخيرا أنيفوز بقلبك المتمرد؟ فاجأني هذا التعبير، فقلت: أنا قلبي متمرد؟؟كيف؟ قالت : طبعامتمرد، فقد أغلق أبوابه و رفض كل المرشحين للفوز به
بدأنا نضحك، و كأنها أنستنيبعضا من همومي بمزحها هذا، و لكني كنت كتومة جدا .
في المساء ، كنت أجلس فيالغرفة و أولادي قد ناموا من التعب، كنت أتصفح الأنترنت و كان حبيبي على الخط ولكني كنت مانعة إياه، سمعت طرقا على الباب، فتحت، كانت ابنة خالي أتت لتجلس معيقليلا، جلسنا و أخذنا الحديث و غلبني التعب و استأذنت منها أن أدخل لأستحم قبل نوميو هي بقيت تنتظر ان يمر بها زوجها لتذهب إلى البيتو أنا تحت الماء تذكرت أنيقد تركت المسنجر مفتوحا فارتعبت و لست أدري كيف أنهيت حمامي بسرعةخرجت منالحمام لأجدها أمام الكمبيوتر، نظرت إلي قائلة: الأنترنت المحمول شيء جميل بإمكانكالعمل أينما كنت؟ قلت: نعم ، كنت أريد أن أقفل المسنجر و لكن هذا سوف يثير شكوكها،تغاضيت عن الأمر، جلست بجانبها فأظهرت المسنجر بالشاشة و قالت: أعطني عنوان عمتيفهو ليس عندي، قلت، سوف أرسله لك فيما بعد و أقفلت الكمبيوتر: بدات تنظر إلي مبتسمةو كأن سؤالا يقف في حلقها، نظرت إليها و قلت ، نعم ؟؟؟ قالت، من ميدو؟؟؟؟ قلت: لاأحد، إنه شخص أضفته و بقي على القائمة، قالت: و لماذا تمنعينه المسكين دونا عن كلالقائمة؟؟؟ قلت و أنا أضحك : أنت لا تزالين فضولية و لم يغيرك الزواج، و انتقلناللحديث عن زواجها و زوجها و....... و تنفست الصعداء حين وصل زوجها لتذهب إلى بيتهافقد أحسست بضيق شديد بسبب أسئلتها و كذلك بسبب نسياني للكمبيوتر بين يديها، فهذاالجهاز هو حامل كل أسراري، مذكراتي، عملي كل شيء يستوعبه بداخله و قليلا مايشتكي
اتصلت بي صباحا لتدعوني إلى العشاء بمطعم رفقة زوجها، اعتذرت لأن أولاديلا يمكنهم السهر و لا أستطيع أن أتركهم بالفندق لوحدهم، فاقترحت أن يبيتوا عندهابالبيت و تبقى معهم حماتها ،فوافقت بعد إصرار منها
التقينا أنا و هي و زوجهامساء بالمطعم، جلسنا إلى المائدة، فإذا بشخص يتقدم نحونا مبتسما، قام زوج ابنة خاليليستقبله بحرارة و يرحب به، سألتها بعني من؟؟ فابتسمت و سلمت عليه مرحبة هي أيضابه
كان شابا فرنسيا طويلا أشقر عيناه زرقاوان، عرفونا ببعضنا، يدعى كريستيان،جاء إلى بيروت ليستثمر أمواله في السياحة، و مما فهمته من ذلك العشاء أن زوج ابنةخالي هو الذي سوف يساعده ليتم ذلك
كان يتحدث معهما و كنت أصغي و لا أتكلم، لأنهمكانوا يتحدثون عن العمل و لكنه كان يلتفت إلي مبتسما و يقول: و ما رأيك أنت؟؟ كانيفاجئني بسؤاله هذا، فأنا لست معنية بالأمر لا بل الأمر لا يخصني بتاتا، و كنت أسرحبعيدا أثناء أحاديثهم فلا أعلم تفاصيل ما يتكلمون عنه، كنت أفكر في حبيبي ، ترىماذا يفعل؟ماذا يفكر بشأني؟؟ هل هو ناقم علي؟؟؟ و أفكار و أسئلة لا تنتهي
انتهىالعشاء و هممنا بالإنصراف
سلم عليهم و عندما استدار ليسلم علي ذهبا و تركاني معهمددت يدي لأسلم عليه، فانحنى قليلا و قبل يدي مثلما يفعلون بالأفلام القديمة (بداخلي كنت أضحك على الموقف الغريب)، و قال : تشرفت بمعرفتك، انت رائعة الجمال وإني أتمنى أن أراك مرة أخرى إن لم يكن عندك مانع
قلت: إن شاء الله، و ذهبت مسرعةلألحق بهم، و كنت ناوية على تأنيب ابنة خالي على الموقف الحرج الذي وضعتني فيه هي وزوجها المحترم
.........
انتظروني