--------------------------------------------------------------------------------
يقال إن :- اكثر الناس نجاحاً هم
اؤلئك الذين دفعهم الحرمان الى النجاح
إليكم قصتي
؛؛ لوحة العمر والمطر ؛؛
قطرات المطر يعزفن لحن الوحده في هذا
الجو الشتائي وريان ترقد في فراشها خائفه ...؟؟؟
لا تدري لماذا نشأت تخشى المطر ...
وتخشى صوت الرعد ... لا تدري !!!
إنها تجهل حقائق كثيره عن حياتها ... فهي لاتعرف مثلاً ملامح أمها ..
حيث ماتت تلك الأم المسكينه اثناء ولادتها ...
ولا تعرف يوم ميلادها بالضبط
لإن الكل حينذاك كانوا منشغلين برحيل الأم
وما من احد انتبه الى أن البنت الصغيره تتنفس ..!!!
وتزوج الأب من امرأة اخرى وعاشت ريان
في ظل الأسره الجديده أب وأم ...!!!
كانت ترى ان كل البيوت تحتوي على
أب وأم وبيتها هي كذلك ... أب و ....؟؟؟
قال لها الاطفال بأن ليس لديها أماً ...
فأنزوت في المدرسه بمكانٍ بعيد
وراحت تتأمل تلك المرأة التي تناديها ماما ...
إنها تعامل أيهم اخاها الصغير بشيء مستفيض من الحنان
وهي لاتعيرها اهتماماً .. لكنها لاتضربها ... ولا تقسو عليها ...
وتقلصت الصوره في مخيلة ريان الطفله حتى كادت
تختفي لولا ذلك الحدث العابر ...
كانت ريان قد اكتسبت عدوانيه
غير إراديه ضد أيهم يدفعها الى
ذلك تفضيله اللا مباح عليها ...؟؟؟
وفي يوم من الايام والطفلة تتهجى حروف الأبجديه في دفترها الصغير اقتنص
أيهم الدفتر من بين يديها واخذ يعثو ويلعب به ...
وعندما رأت ريان منظر دفترها الممزق ... أنقضت
على أيهم بكل ما أوتيت من وحشيه الأطفال
وصرخ الطفل الذي يصغرها بسنتين لتأتي الأم ,,,
وحين شاهدت دموع ولدها الوحيد توجهت الى ريان بنظرة غاضبه
أرتعدت لها الطفله ورنت على خدها صفعة قوية
وضمت الأم طفلها إلى أحضانها ... وظلت ريان ملقاة على الارض ...
وشعرت بحرقة تسري في فمها ... غصه ملأت فاها ...
وتذكرت سخرية الاطفال وأحست بأن الدنيا تدور ...
والحيره تملأ رأس الطفله الصغير ... لم تبكِ ريان ..
فقط كانت تريد أن تعرف هل هذه المرأه ذات النظره الحازمه أمها ام لا ...؟؟؟
إذن اين أمي ...
هكذا قالت في سرها ...؟؟؟
نامت تلك الليله في الغرفه وحدها ... فقد
رفض أيهم المدلل
إلا أن ينام الى جوار أمه وأبيه ..
وهطل المطر ... وكان صوت الرعد مدوياً فزحفت الغطاء على وجهها ...
كانت تحاول أن تغمض عينيها ...
مجرد أن تتجاهل صوت الرعد ... لكنها لم تستطع ...
صوت الرعد يشبه رنة صفعة تلك المرأه .. إنها تشعر بأن الرعد يصفعها ...
وأن المطر هو دموع غزيره تذرفها عيون السحاب ...
ترى لماذا تبكي السماء ...؟؟؟ كانت تتساءل ...!!!
وهنا أحست ريان بتلك الغصه والحرقه التي ملئت فاها ولم يكن ثمة من أحد
ينظر الى دموعها فأستسلمت للدموع والخوف والوحده ....
ومرت الايام وريان تكبر شيئاً فشيئاً وتزهر ... مثل براعم الربيع ...
لكنها تخشى المطر ... وتخشى عيون تلك المرأه التي كانت تدعوها ماما ....
والتي عرفت أخيراً بأنها زوجة أبيها ....
وعشقت ريان الفن التشكيلي ... كانت ترسم طيلة فترة راحتها الاسبوعيه ... ترسم دون ملل .. أحبت الفرشاة ... وصارت الألوان ...
عالمها الخاص الذي تلجأ إليه بعيداً عن هذا العالم الذي لم تجد من يحاورها فيه ...
كان أبوها رجل عصامي إبتدأ من الصفر ليصل بسنين غير قليله الى منزله رفيعه ...
إنه رجل يعمل طوال النهار ليأتي في أواخر الليل ... لايكاد يتفرغ لمحادثة إبنته إلا كل شهر تقريباً ...
أما الأم او ( زوجة الأب )
فإن صفعتها قد خلقت هوة بينها وبين ريان ...
وأيهم نشأ مدللاً لا يكترث لأخته ...
وهكذا كانت ريان تعيش الفراغ في كل اوقاتها ...
كانت تكرههُ تمزقه بفرشاتها ...
لكنه ينبثق من لوحاتها ... يذكرها بوحدتها دائماً ...
ومن ثم درست ريان فن الرسم في اكاديمية الفنون الجميله ...
وكانت تهب حياتها بأسرها لفنها ...
وهناك في الاكاديميه اُصدر اعلان يقول بأن الاكاديميه ستنظم مسابقه افضل لوحه يرسمها طالب او طالبه وسيكون للفائز
في المسابقه حق تنظيم
اول معرض خاص على اشهر قاعات العرض ....
وأن اخر موعد لإستلام اللوحات سيكون في مطلع الربيع ...
واليوم ريان تفكر ماذا ترسم ...؟؟!!! إنها
ترقد في فراشها وحيده تنظر الى اللوحات التي ملئت الجدران ...
أنها تعتز بكل لوحاتها لكن ... تريد شيئاً اخر
لتشارك به ... عمل يهز الاكاديميه ... عمل يرشحها
لتعرض هذه اللوحات على تلك القاعه الشهيره ...
وراحت تحلم بيوم الإفتتاح ... سيحضر فنانو التشكيل ... وهي بينهم متآلقه ...
وأبتسمت راضيه ... حين فاجأتها السماء بالمطر ...
المطر ...!!! حرك ذلك الشعور في داخلها ... شعور الوحده والضياع وألام الا أم ... وأحست ريان بشيء من الخوف ...
والرهبه للمطر .. او ربما لتلك الليله التي نامت فيها بمفردها في هذه الغرفه ذاتها وعلى ذلك السرير القديم ...
وهنا أنبثقت الفكره جليه ...
ورأت في خيالها الخصب لوحه غاية في الابداع ...
لوحة تجسد ذلك اليوم الطفولي من حياتها ...
ويوم رنت الصفعه قاسيه على خدها ... وأرعدت السماء مجلجله وبكى السحاب حزيناً ...
ولم تنتظر حتى الصباح ...
بل نهضت لفورها ترسم ... لوحة العمر والمطر ...
سماء متلبده بالغيوم وثمة عينان فوق السحاب
تبكي فينزل المطر على الارض ...
وهناك ثمة طفله ملقاة على الارض بعيون حيرانه ..
وملامح حزينه .. وقد علا ثوبها على ركبتيها وهي آخذه تلملمه بقنوط ...
لوحه تنطق بصدق عن يومٍ له أثر في حياتها ...
وأودعت فيها كل شيء ... كل فنها ... كل عمرها ... وكل مصداقيه الطفله الملقاة ...
ولم يمر الوقت طويلاً حتى اكتملت اللوحه ...
كانت تحفه نادره .. كل شيء فيها ينطق بالصدق ...
حتى الثوب الابيض للطفله كان ذاته هو ثوبها في ذلك اليوم ....
واقترب موعد التسليم ... وحان وقت المسابقه وعُرضت اللوحات ...
كانت أعمال أقرانها جميله ولا شك ...
لكنها تحتاج الى شيء بسيط هو الصدق ... واندهش الجميع لهذه الشفافيه التي تغمرها ...
وأجمع الكل بأنها تحفه فريده
وفازت ريان ...
فازت لوحة العمر والمطر ...؟؟؟
وبكت ريان فرحاً .. هنأها الجميع حتى زوجة إبيها وأخوها المدلل ...
وبارك أبوها مسعاها ...
وقال بأقتضاب وهو يتناول عشاءه ... أستمري ...
كان ذلك يعني لها نجاحاً ليس فقط على صعيد الفن بل على صعيد الأسره كذلك ...
وأقامت ريان معرضها الأول على تلك القاعة المشهوره ... ونجح وتلاه الثاني والثالث وتآلقت الفنانه التشكيليه
وأصبحت مثار اهتمام كثير من المثقفين ... ولم تعد ريان تخشى المطر ... بل أحبته ... أحبته قدرما كانت تخشاه ...
وشكرت للوحده والفراغ فضلهما عليها فهما كانا ملهمتاها ,,,
وعادت تنادي زوجة إبيها ماما ....
وشعرت بلذة الأنتصار على اليأس ...
على السلبيه .... على الخوف ...
لقد كان خوفها يوماً ما ...
دافعاً لنجاحها ... ووحدتها صارت طريقاً لسعادتها ...
لقد أحبت الحياة رغم أنها لم تمنحها
سوى صفعة وسحابه باكيه ...!!!
**************
مع اعتذاري الشديد لـ ِ ريان ...!!!
تقديري واحترامي