بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قـــبــــعــــة الـــــــقـــــش
في ليلــة صيف مقمرة ..كانت الأمواج تتلاطم على تلكـ السفينــة التي تحمل على متنها الطبيب ( حازمـ ) وحفيده صاحب الــ 10 أعوام ( حســـامـ ) .. حيث تتوجــه بهم إلى تلكـ المنطقــة النائيــة المنســــيــــــــــة ...
رست هناكـ السفينـــة ساعات معدودة ولم تلبث مليـــة حتى توجهت إلىمنطقــة أخرى تاركـــة الطبيب وحفيده على ظهر تلكـ المنطقــة النائيـــة ...
نظر حســام بخوف وأمسكـ بيدجده قائلا: جدي هل نقيم هنــا بين هؤلاء المجاعــة شهرا كاملا ...
ابتسم جده قائلا: نعم ياصغيري هنــا تعرف معنى الحياة ...
هكذا هي الحياة هنــا ...فقر ..مجاعــة ...بؤس ... ضلال...
لاديـــن يجمعهم .. غير أن القليل يعتنق النصرانيــة الضــالــة ...
هم مجموعـة من القبائل ..كل قبيلــة لهم رئيس ..يسكنون في مناطق متباعدة عن بعضهم ..
كان الطبيب حــازمـ يذهب في السنــة مرتيــن ..يقضي في كل مرة شهرا كاملا ..يعالج المرضى مجانــا , يعاملهم بلطف , يدعوهم للإسلام , يطعمهم , يكسوهم , يهديهم الهدايا ....
ينتقل كل صباح من قبيلة الى قبيلة أخرى ...هدفــه الوحيد هو انقاذهم من التيه والضلال إلى الإيمان ..وإدخال السرور إلى قلوبهم ..
هذه كانت حيــاتـــه ....
في يوم عاصف كانت الأمطار غزيرة ..وهم بين تلكـ القبيلـة المشهورة بالعنف والعنصريــة ..
رفض رئيس القبيلة استقبالهم بين قبيلته ...
الأطفال مرضى ..لكن لاجدوى ...
ويصعب على فريق المتطوعيــن من دعاة وأطباء العودة الى مسكنهم فالمكان بعيد جدا والجو لايسمح بذلكـ
قرر الطبيب حــازمـ وكان أكبرهم سنا ..أن يتوقفو هنــا في مكــان مرتفع تحت شجرة عظيمــة ...
انقسمو الى قسمين ..قسم ينام والآخر يحرس المكان ...
وفجــأة سمع الطبيب ومن معه صراخ امرأة وطفل رضيع ...
وقف حســامـ بكل شجاعــة مع جده ومن معه ..
استيقظ الجميع .. ذهب من كان يحرس إلى نجدة تلكـ المرأة
كانت زوجــة رئيس القبيلة وذاكـ طفلها .. قد جرفه السيل بعيدا ..
حاولو الجميع أن ينقذو الرضيع .. لكن لاجدوى ...
هنا لم يستطع الطبيب حازمـ أن يصبر أكثر ..فقفز بعد أن رُبط بالحبل ..وأمسكـ بالرضيع وحضنه وطلب منهم أن يسحبوه ..حتى وصل اليهم ...عندها ازداد السيل ..أيقن الطبيب أنه هالكـ لامحالــة
فرمى بالرضيع عليهم ...كاد الرضيع يسقط على الصخور لكن حســام قفز واحتضنه ..وهو يصرخ خائفــا على جده ..
اختفى الطبيب عن الأنظـــار ...
وسحابــة الحزن ظللت وجوه الجميع ...
لم يجد رئيس القبيلة شيء يكرم به الطبيب وحفيده ...غير قبعــة القش الذي يرتديه هو كرمز للحكم والرئاسة ..
قائلا لــه : كن بطلا وشجاعا وداعية وطبيبا مثل جدكـ
واعتنقت تلكـ القبيلة بأكملها الإسلام ..
.......................
هنـــــــا سمع حســام صوت أمــه تناديـــه فرحـــة مستبشرة ..كيف لا ...وقد تخرج من كلية الطب وأصبح طبيبا مثل جده ..
فمسح دموعــه من عينيه وهو ينظر إلى قبعة القش المعلقة فى إحدى زوايــا الغرفـــة ...متذكرا ذلكـ المشهد ...
ولم ينس تلكـ القارة المنسيــــة ...وسيمضى على شــاكلــة جده ...
هنـــــــــا انتهت القصـــــــــــ:cupidarrow:ـــــــة