كنت سعيدة بقربهم ... وأفرح حين أرى بسمتهم ... حين أسمع همس أصواتهم ...
حين أتحدث إليهم ... وتداعبني كلماتهم الجميلة ...
رأيت السعادة بقربهم بحراً لا ينضب ... غيثاً لا يتوقف ... شمساً لا تغيب ...
أحببتهم في الله لآن المحبة فيه تدوم ...
بقيت الانسانة الوفيه المخلصة ...
بقيت لهم ذلك البئر الذي يرمون فيه احزانهم وخفاياهم عن الآخرين...
بقيت لهم شمعة تضيء دروبهم إذا اشتد السواد فيها ...
بقيت لهم حبل الآمال الذي يتعلقون به كلما سقطوا...
بقيت لهم منديلا يمسح سيل الدموع ويجفف نزيف الجروح....
بقيت لهم غطاء يدفئهم في ليالي الشتاء الباردة ...
بقين لهم طول عمري بيت الدفء والحنان ...
وشاطئ البر والأمان...
وفجأة نظرت إليهم وأنا على ذلك السرير الناصع البياض ...
الجميع ملتم حولي...
منهم من يمسح دمعه ...
وآخر لا يستطيع ,,, فدموعه غزيرة ...
وأخرى تأتي لترسم على وجهي الأصفر الشاحب بسمة يلونها الآخرون...
وآخر يمسك بيدي وهو يجهش بالبكاء " لا ترحلي" ...
وطفلة صغيرة تحاول أن تمسكني لتقول : عمتي " أحبك" ...
وطفل آخر يحاول الصعود على سريري ليقول : خالتي " متى تلعبين معي؟؟"
وأنا مازلت أنظر إليهم واحداً تلو الآخر...
وتسقط عيني على آخر يتلو القرآن ...
وثانٍ يصلي ويدعي لي بالبقاء...
مررت عليهم جميعاً بنظرة سريعة ...
نظرة وداع إلى غير لقاء...
وذهبت بي الذاكرة بعيداً لتلك الأيام ...
نظرت لكل واحد منهم وتذكرت ماضيّ بقربهم...
نظرت إليهم مرة أخرى ...
نظرة حزن
ألم
يأس
خوف
فراق
وداع
مــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ ـــــــــــــــوت
و سأرحل الآن
نظرت عالياً
رأيت نفسي مكفنة بأكفان
تحيطيني الرمال
تغطيني من كل الجهات
وسالت دمعة
شعرت بيدٍ دافئة تمسحها
نظرت إليها وامسكت بيدها
قبلتها ...
قلت شكرا وسامحيني
وليتني أعود بعد موتي لأمسح دمعاتك
فجأة رأيت سيلا من الدموع ينهال على وجنتيها
ضمتني إلى صدرها
صرخت
"أرجـــــــوك لا ترحلي"
وأنا في عالم آخر
وأنا على صدرها أسمع نبضات قلبها ينبض بشدة وكأنها مدفع
شعرت بأن قلبها سيخرج ليضمني حتى أبقى بلا رحيل
سالت دموعي
وأحرقــــــــتني
وشفتي تتحدث بصمت
عيني تحكي لهم وتصور لهم مشاهد آلامي
يدي تمتد إلى تلك الطفلة
امسكـ بيدها
أشد عليها
آخذها إلي
أضمها وأبكي بحرقة
فتنظر إلي بعجب
وبنظرة طفل بريء
لا يعلم معنى الألم
أو احساس الفراق
وتبكي معي
أسألها : لم تبكين حبيبتي؟؟!
قالت: أبكي لأنك تبكين
بدأت أفقد طاقتي
وتقطعت أنفاسي
وشعرت بأن الموت لا محال آتي
بكاء مع بسمة في ذات الوقت
واقتربنا من ساعة الصفر
الأنفاس متقطعة
النبض ضعيف جداً
يتوقف أحيان كثيرة
الجميع إلى الخارج
تمتلئ الغرفة أطباء
النبض يتوقف
يجب أن نعرضها لصدمة
يرسمون كل شيء
يبدأون التنفيذ
خمسة
أربعة
ثلاثة
اثنان
واحد
م
ا
ت
ت
للأسف حال القدر بيننا
لقد
ماتت