فليس اللسان مجرد عضلة تتحرك كيفما شاءت دون ضابط أو جزاء ، بل الله تعالى يقول { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} [ق:18]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم"[رواه البخاري].
فاللسان ــ كما ترى أيها المؤمن ــ عظيم الشأن والخطر ،فكيف نهمل تقويمه، وكيف نتركه يضرب يميناً وشمالاً دون أن نحافظ عليه؟
ومما يجب أن نحفظ ألسنتنا عنه " اللعان " ذلك المرض الخطير الذي تفشى بيننا ، حتى أنه صار أضحوكة ومزاحـاً بين الأحباب والأصدقاء ، حتى أنك تجد الأب لا ينحرج أن يقول لإبنه " الله يلعنك " غير مهتمٍ أو جاهلاً بنهي النبي صلى الله عليه وسلم :" لا تلاعنوا بلعنة الله.. " [رواه الترمذي وصححه الألباني].
فما هو اللعن؟ إنه الطرد والإبعاد من رحمة الله ، فإذا قلت لأحد :" الله يلعنك.." فكأنما تدعو بـل تقرر أنه لن تناله رحمة الله تعالى، فهل ترضى لأخيك أمراً كهذا؟!
أخي ... أتصدق أن مجرد قولك بلعنة أحد؟ ينتقص من إيمانك؟ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا بالفاحش ولا بالبذي" [رواه أحمد وصححه الألباني]. فهل ترضى بإنقاص إيمانك مقابل كلمة تقولها لأخيك.
واللاعن أيها المؤمن كالقاتل ، فاللعنة ليست مجرد كلمة، إنها إنها على قيمة حياة المؤمن، وحكم بأن مسعاه كله بلا فائدة، وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: " لعن المؤمن كقتله " [متفق عليه] فهل ترضى لنفسك أن تكون قاتلاً.
وهل لي أن أسألك: ألا ترغب أن تكون من الصديقين وهم أصحاب أعلى مرتبة إيمانية بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟ فإن كنت ترغب في ذلك فإياك واللعن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" لا ينبغي لصديق أن يكون لعاناً " [رواه مسلم].
وما بالك أيها المؤمن فيمن يدعو على نفسه باللعنة؟ أتعرف من هذا؟! إنه الذي يلعن الناس أو أي شيء لا يستحق اللعنة، فإن لعنته تعود عليه هو، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :" من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه" [رواه أبو داود].ولا يزال الناس يتلاعنون حتى يستحقوا اللعنة.. والعياذ بالله. كما قال حذيفة رضي الله عنه :" ما تلاعن قوم قط إلا حق عليهم اللعنة" [صححه الألباني].
وخطر الآخرة أشد على اللعانين ، فلا شك أن كل ما سبق له تأثير قوي عليهم يوم الحساب ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :" لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة" [رواه مسلم].
ثم كيف ترضى أيها المؤمن أن تلعن المؤمنين مع أن النبي صلى الله عليه وسلم رفض أن يدعو على المشركين أو يلعنهم في آخر الأمر. فقد قيل : يا رسول الله ادع الله على المشركين فقال :" إني لم أبعث لعاناً ولكن بعثت رحمة" [صححه الألباني]. فهل ترى أن المؤمنين أقل مكانة من المشركين..؟!
وربما يقول البعض إنني لا ألعن إلا العصاة أو الكافرين ، لا يا أخي .. فحتى الكافرون لا يجوز لعنهم كما في الحديث السابق، إلا على وجه التعميم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لعن الله الواصلة والمستوصلة" [رواه البخاري]. و " لعن الله آكل الربا " [رواه مسلم]. و " لعن الله من لعن والديه" [رواه مسلم] و " لعن الله اليهود .." [متفق عليه]. ولكن لا يجوز لعن إنسان بعينه حتى ولو كان كافراً يحارب الإسلام ، فمن يدري لعل قاتل المسلمين اليوم يكون في الغد أخلص وأصدق الناس دفاعاً عن الإسلام وأمثلة ذلك كثيرة على مدار التاريخ.
فاللعنة أيها المؤمن ليست كلمة، إنما هي حكم غيبي ، وقضاء على مسعى عبد لا يعلم مصيره إلا الله.. وهي لا بد أن تستقر على شخص إما من قيلت له وإما من قالها.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين
**********
تمت كتابة هذا الموضوع من مطوية لـ ( محمد الطايع ــ أبو معاذ)
توقيع
يارب يا رب يا رب
اللهم واجعلني من الراضي بقضائك . الصابر على اختبارك وابتلائك . وأعقب لي بعد الصبر فرجا , وبعد الضيق والعسر يسرا
يارزاق ياذا القوة المتين ارزقني الـذرية الصالحة
اللهم آآآآآآآمين
&&&&&&&&&&
* غيابي لإنشغالي
أحبكم في الله
ريحة عطر..:: تاج المنتدى و كبار الاداريين سابقآ ::..