متصفـح ..:: عضو مميز ::..

ان للشيطان جنديين : جند يطير وجند يسير ، والواهمة جنده الطيار ، والشهوة جنده السيار ، لان غالب ما خلقتا منه هي النار التي خلق منها الشيطان ، فالمناسبة اقتضت تسلطه عليهما وتبعيتهما له .

ثم لما كانت النار بذاتها مقتضية للحركة ، إذ لا تتصور نار مشتعلة لاتتحرك ، بل لا تزال تتحرك بطبعها ، فشأن كل من الشيطان والقوتين أن يتحرك ولا يسكن ، إلا أن الشيطان لما خلق من النار الصرفة من دون امتزاج شيء آخر بها فهو دائم الحركة والتحريك للقوتين بالوسوسة والهيجان ، والقوتان لما امتزج بغالب مادتهما ـ أعني النار ـ شيء من الطين لم تكونا بمثابة ما خلق من صرف النار في الحركة ، إلا انهما استعدتا لقبول الحركة منه ، فلا يزال الشيطان ينفخ فيهما ويحركهما بالوسوسة والهيجان ويطير ويجول فيهما ، ثم الشهوة لكون النارية فيها أقل فسكونها ممكن ، فيحتمل أن يكف تسلط الشيطان عن الانسان فيها ، فيسكن بالكلية عن الهيجان ، وأما الواهمة فلا يمكن أن يقطع تسلطه عنها ، فيمتنع قطع وسواسه عن الانسان ، إذا لو أمكن قطعه أيضاً بالمرة لصار اللعين منقاداً للانسان مسخراً له ، وانقياده له هو سجوده له ، إذ روح السجود وحقيقته هو الانقياد والاطاعة ، ووضع الجبهة حالته وعلامته ، وكيف يتصور أن يسجد الملعون لأولاد آدم عليه السلام مع عدم سجوده لأبيهم واستكباره من أن يطمئن عن حركته ساجداً له معللاً بقوله : خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين، فلا يمكن أن يتواضع لهم بالكف عن الوسوسة ، بل هو من المنظرين لاغوائهم إلى يوم الدين ، فلا يتخلص منه أحد إلا من أصبح وهمومه هم واحد ، فيكون قلبه مشتغلاً بالله وحده ، فلا يجد الملعون مجالاً فيه ، ومثله من المخلصين الداخلين في الاستثناء عن سلطنة هذا اللعين ، فلا تظن أنه يخلو عنه قلب فارغ بل هو سيال يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وسيلانه مثل الهواء في القدح ، فإنك إن أردت أن تخلى القدح عن الهواء من غير أن تشغله بمثل الماء فقد طمعت في غير مطمع ، بل بقدر ما يدخل فيه الماء يخلو عن الهواء ، فكذلك القلب إذا كان مشغولاً بفكر مهم في الدين يمكن أن يخلو من جولان هذا اللعين ، وأما لو غفل عن الله ولو في لحظة ، فليس له في تلك اللحظة قرين إلا الشيطان كما قال سبحانه : وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وقال رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إن الله يبغض الشاب الفارغ » لان الشاب إذا تعطل عن عمل مباح يشغل باطنه لابد أن يدخل في قلبه الشيطان ويعيش فيه ويبيض ويفرخ ، وهكذا يتوالد نسل الشيطان توالداً أسرع من توالد الحيوانات ، لأن الشيطان طبعه من النار ، والشهوة في نفس الشاب كالحلفاء اليابسة ، فاذا وجدها كثر تولده ، وتولدت النار من النار ولم تنقطع أصلاً .




فظهر أن وسواس الخناس لا يزال يجاذب قلب كل انسان من جانب إلى جانب ، ولا علاج له إلا قطع العلائق كلها ظاهراً وباطناً ، والفرار عن الاهل والمال والولد والجاه والرفقاء ، ثم الاعتزال إلى زاوية ، وجعل الهموم هماً واحداً هو الله . وهذا أيضاً غير كاف ما لم يكن له مجال في الفكر وسير في الباطن في ملكوت السماوات والارض وعجائب صنع الله ، فان استيلاء ذلك على القلب واشتغاله به يدفع مجاذبة الشيطان ووسواسه ، وإن لم يكن له سير بالباطن فلا ينجيه إلا الاوراد المتواصلة المترتبة في كل لحظة من الصلوات والاذكار والأدعية والقراءة .

ويحتاج مع ذلك إلى تكليف القلب الحضور ، إذ الاوراد الظاهرة لا تستغرق القلب ، بل التفكر بالباطن هو الذي يستغرقه ، وإذا فعل كل ذلك لم يسلم له من الاوقات إلا بعضها ، إذ لا يخلو في بعضها عن حوادث تجدد وتشغله عن الفكر والذكر ، كمرض أو خوف أو ايذاء وطغيان ، ولو من مخالطة بعض لا يستغني عنه في الاستعانة في بعض أسباب المعيشة .

وأخيراً إذا علمت ـ ولو اجمالاً ـ المناسبة بين الانسان والشيطان ، فاعلم ان المتفرس والشيخ المرشد يشخص أمراض النفس ووسوستها من أمراض الشيطان ووسوسته فيعطي الدواء للداء ، فتارة يعمد إلى سد الابواب العظيمة للشيطان في القلب وهي الشهوة ، والغضب ، والحرص ، والحسد وغير ذلك من رؤوس ذمائم الصفات ورذائل الملكات ، وتارة كثرة الذكر بالقلب واللسان ، وعمارة القلب بأضدادهما من فضائل الأخلاق وشرائف الأوصاف ، والملازمة للورع والتقوى ، والمواظبة على عبادة ربه الأعلى وغيرها .

ثم إعلم أن السر في توقف قطع الوساوس بالكلية على التصفية والتخلية أولاً ثم المواظبة على ذكر الله فبعد حصول هذه الامور للنفس تحصل لقوتها العاقلة ملكة الاستيلاء والاستعلاء على القوى الشهوية والغضبية والوهمية ، فلا تتأثر عنها وتؤثر فيها على وفق المصلحة ، فتتمكن من ضبط الواهمة والمتخيلة بحيث لو أرادت صرفهما عن الوساوس لأمكنها ذلك ، ولم تتمكن القوتان من الذهاب في أودية الخواطر بدون رأيها ، وإذا حصلت للنفس هذه الملكة وتوجهت إلى ضبطهما كلما أرادتا الخروج عن الانقياد والذهاب في أودية الوساوس وتكرر منها هذا الضبط ، حصل لهما ثبات الانقياد بحيث لم يحدث فيهما خاطر سوء مطلقاً ، بل لم يخطر فيهما إلا خواطر الخير من خزائن الغيب وحينئذ تستقر النفس على مقام الاطمئنان ، وتنسد عنها أبواب الشيطان وتنفتح فيها أبواب الملائكة ، ويصير مستقرها ومستودعها ، فتستضاء بشروق الانوار القدسية من مشكاة الربوبية ، ويشملها خطاب : يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً.

واعذرونـــــــــــــي على الاطــــــــــــالة

ج ـــلــنار ..:: نائبة المشرف العام ::..

موضوع وطرح رااائع

الله يعطيك العاافيه ويجزاك خير على طرحه

جزيل الشكر لك

توقيع
سبحان الله وبحمده
انوثهـ مجروحهـ كبار الشخصيات

معلومات جديده
ربي يجازيك الف خيررررر

توقيع


عساك تبقى حي ياشايب لي
يابوي يالي مايساويك رجال



اللهم ارحم أهل سورية و قوِّهم و انصرهم و خذ حقهم ممن ظلمهم و أقم السنة فيهم و أعززها .
سيــــدة الغيــــد بنتظار تفعيل العضوية

جزاك الله خير ورفع قدرك
اشكرك من كل قلبي

мαηηαя ..:: مشرفه دليل العام ::..

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...

لك مني أجمل تحية .

توقيع

Powered by: vBulletin
 ©2000 - 2025, Enterprises Ltd.
المنتدى برعاية مميزون العرب للخدمات الرقمية
www.z777z.com
Adsense Management by Losha
( جميع مايكتب يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يحمل وجهة نظر الموقع يعبر عن كاتبها فقط )
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية
جميع الحقوق محفوظة زوجــي و زوجتــي عالم الحياة الزوجية